من حصاد الفساد إلى معسكرات الفوضى التي تهدد حضرموت
*- شبوة برس - منصة حضرموت للصحافة
منذ منتصف 2024، وبعد أن لمس عمرو بن حبريش الحزم الذي أبدته السلطة المحلية فور توليها زمام الأمور، وفرضها إجراءات تصحيحية غير مسبوقة في حضرموت، قرر المحافظ مبخوت بن ماضي أن يضع حدًّا لسنواتٍ من الهدر والتسرب في المال العام، فأغلق الصنابير التي كانت تتدفق امتيازات ومخصصات إلى جيوب محددة، في مقدمتها وكيل المحافظة الأول بن حبريش، ووجّه ما تبقى من الموارد الشحيحة – بعد توقف تصدير النفط – إلى الخدمات الأساسية التي تمس حياة المواطنين مباشرة، في خطوة كانت كاشفة ومدمرة في آنٍ واحد، حيث كشفت عن حجم المصالح الضيقة التي نسجها بن حبريش لنفسه، وحركته لعقود في ظلالها، والتي بدت مهددة بمجرد أن قررت السلطة المحلية أن المال العام يجب أن يذهب إلى المصالح العامة لا إلى الجيوب الخاصة.
وفي مارس 2025، أصدرت قيادات ومرجعيات بارزة في حلف قبائل حضرموت بيانًا لتُعلن فيه سحب الثقة من بن حبريش، متهمة إياه بالتفرد بالقرار، وخرق النظام الداخلي، وتحويل الحلف من منصة مطلبية جامعة إلى ضيعة خاصة يديرها كملكية شخصية، بعيدًا عن أهداف التأسيس التي وُلد من أجلها.
لم يكتفِ بن حبريش بالوعود الوهمية بل سار بخطى متسارعة نحو تأسيس معسكرات ونقاط مسلحة خارج كل إطار قانوني أو مؤسسي، فرض فيها نفوذه بالقوة على أرض العصارنة وكأنها مملكته الخاصة في حين لم يُصرف لتلك القوات سوى حافز زهيد لا يتجاوز رمزية بسيطة استغلها كأداة دعاية في العرض العسكري المليشياوي الأخير، في محاولة بائسة لصناعة وهم القوة بينما الحقيقة المُرَّة أن الرجل ضحك على من وثقوا به وخدعهم بأحلام عسكرة لا وجود لها سوى في بيانات وتهديدات فارغة تسبح في بحر من الخداع والتضليل.
مصادر خاصة من أروقة القرار في الرياض وضعت النقاط على الحروف وأكدت رفض المملكة التام والقاطع لأي محاولات لجر حضرموت إلى أتون صراعات داخلية يغذيها فقدان عمرو بن حبريش لمصالحه الشخصية، معلنة أن أمن واستقرار المحافظة يمثلان خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه، وفي السياق لم تتردد قبائل حضرموت عبر مشايخها ووجهائها في إعلان موقفها الصارم، واصفة تحركات بن حبريش بأنها رهانات خاسرة وتلاعب مرفوض بمصير حضرموت الذي لا يحتمل المزيد من المغامرات والهفوات، داعية الجميع إلى الوقوف صفًا واحدًا خلف السلطة المحلية لصد أي مشروع شخصي يعيث خرابًا في النسيج المجتمعي ويهدد أمن وسلامة الجميع.
هو ذاته الذي طالما ادعى أنه في صف أبناء حضرموت، لكنه لم يصمت لحظة واحدة في الفوضى التي هزّت المكلا، مستغلاً الأحداث ليطلق سهام اتهاماته ضد النخبة الحضرمية والأجهزة الأمنية، بينما في تريم، حيث الأحداث أشد وطأة، اختار الصمت المريب، كأنه يراهن على صمت المدينة ليغسل يده من مسؤولياته ويتجنب الحقيقة التي لا تروق له.
حصاد الرجل منذ منتصف 2024 كان عامين من الفراغ المريع والوعود الكاذبة، و روح شاب خلفه أبناء، لم يقدم خلالها سوى بيانات جوفاء وشعارات استهلاكية لا تغير واقع حضرموت القاسي، بل تخطى ذلك إلى قطع إمدادات وقود الكهرباء، كما كشفت اللجنة المجتمعية في بيانها الأخير، فضلاً عن الخلافات المكشوفة التي دارت بينه وبين شركائه في حلف مخيم الهضبة، وتبادلهم للبيانات التراشقية التي زعزعت استقرار المحافظة، وتحولت بينهم جبهات مفتوحة من الاتهامات والتصعيد، تكشف عن عمق الصراعات الخفية ومآرب الهيمنة والمصالح التي تشتعل تحت سطح المفاوضات.