كنا نعيش على كف كابوس، ويحكمنا منبطحون، أفرغوا قلوبهم من الرحمة، ووجوههم من حمرة الخجل.
هؤلاء الفاشلون الفاسدون مازالوا في السلطة، ولو ظلوا مائة عام، فلن يوقظهم ضمير، ولن يخطر ببالهم أن يتغيروا أو يتطهروا.
إن ما حدث أشبه بالمعجزة، وما نراه اليوم لم يخطر لنا حتى في أسعد وأحلى أحلامنا.
مع مرور الأيام، أصبحنا أكثر إدراكًا أنهم يسيرون وفق خطة مرسومة بالقلم والمسطرة، وأنهم مجرد موظفين ينفذونها نقطة نقطة، فاصلة فاصلة رغمًا عن أنوفهم.
ليسوا مخيرين، ولن يعفوا عن المتمردين، وسيفتحون ملفاتهم وحساباتهم، ويكسرون ناموسهم ويخرجونهم من الباب الضيق.
لن تتوقف موجة التغيير عند أسعار الصرف، ونظن أنهم يهيئون المسرح لمشهد جديد، قد تحدث زلزلة سياسية وتجرف رؤوسًا كبيرة.
وسط هذه الأحداث الدرامية، قد نكون مدينين باعتذار لمعالي رئيس الحكومة سالم بن بريك، فربما استبسطنا همته، واستقبلنا ترشيحه بحذر متشائم.
لقد كانت استقالة الدكتور بن مبارك لحظة حرجة، فإذا كانوا يريدون إصلاح منظومة الشرعية، فلماذا سمحوا بتنحيه؟
استلم بن بريك مهمته ومعاناتنا في ذروتها، ومعه الوزراء أنفسهم، الانتهازيون الفاشلون الفاسدون، وبأي حسبة تكاد تكون النتيجة صفرًا.
لا نتذكر أننا قسونا عليه، بل رثيناه ورثينا حالنا، ورأينا وجهه الشاحب وملامحه المرهقة يوم العيد، ولم نعد نملك مزيدًا من الأمل والصبر.
خشينا من رئاسة المخبرين، ومن إرث الفساد الكبير الذي ينهش البلاد والعباد منذ سنين.
ربما راودتنا السخرية، وظننا أن خطة المائة يوم مجرد جرعة مخدرة أخرى، وهل بقي فينا وريد ينبض؟.
مئة رصاصة، والرؤية معدومة، والأهداف مجهولة، فماذا كنا نتوقع نسبة نجاحه؟ المرجح أنها ستقتلنا وتصرعه.
ندرك أن هذه مسؤوليته، لكننا جميعًا مهزومون، ونحتاج لمؤازرة بعضنا حتى ننتصر في هذه المعركة المصيرية.
لا تجذبنا مجالسة المسؤولين، وقد التقيناه مرة وافترقنا بعد السلام والتحية، لكننا طالما احترمناه، ويكفي أنه لم يأت من ساحة انتهازية أو أجندة حزبية ملوثة.
شكرًا للخزانة الأمريكية، ولن نبخس سالم حقه، فقد تكون هذه بداية نهاية الفساد، ومازلنا ننتظر الكثير.