الجنوب العربي وليس الجنوب اليمني كما فرضه أنذال الجبهة القومية
*- شبوة برس - جسار مكاوي (*)
ما جرى في البرلمان البريطاني يوم السادس عشر من سبتمبر 2025 لم يكن مجرد مقترح عابر يسجله نائب في سجل المجلس، بل هو اختراق سياسي بالغ الدلالة، إذ لأول مرة يرد ذكر الجنوب ككيان له وضعه التاريخي وحقه في تقرير المصير في نص رسمي صادر عن واحدة من أعرق البرلمانات في العالم.
إن هذا المقترح، رغم أنه قدم من عضو واحد فقط، يحمل وزنًا سياسيًّا لا يستهان به، لأنه يكسر حاجز الصمت الدولي الذي طالما تعامل مع الجنوب وكأنه تفصيل ثانوي في الأزمة اليمنية. الأكثر أهمية أنه لم يواجه أي اعتراض أو تعديل، وهو ما يكشف أن الموقف البريطاني الرسمي لم يعد ينظر إلى الجنوب بوصفه ورقة يمكن تجاوزها، بل كشرط لازم لأي سلام دائم.
هذه لحظة سياسية فارقة يجب على الجنوبيين إدراك قيمتها وتوظيفها، فهي تشكل اعترافًا ضمنيًّا من مؤسسة تشريعية عريقة بأن تجاهل تطلعات الجنوب يعني استحالة تحقيق أي استقرار في المنطقة.
إن مدلولات النص واضحة: لا سلام دون الجنوب، ولا عملية سياسية ذات جدوى ما لم يُعترف بحق شعب الجنوب في أن يكون ممثلًا على طاولة المفاوضات بصفته طرفًا أصيلًا لا تابعًا.
وهنا تكمن القوة القانونية والسياسية لهذا المقترح، فهو ليس مجرد رأي شخصي بل وثيقة يمكن استخدامها أمام الأمم المتحدة ومجلس الأمن للدفع نحو اعتراف أوسع بحق تقرير المصير.
المرحلة الآن تفرض على القوى الجنوبية التحرك المنظم، عبر التواصل المباشر مع النائب المقدم للمقترح وحشد مزيد من التوقيعات البرلمانية، وعبر تفعيل دور الجاليات في بريطانيا وأوروبا، وعبر الإعلام الذي يجب أن يحول هذا النص إلى قضية رأي عام.
كما أن على القيادة السياسية الجنوبية أن تستوعب أن مثل هذه اللحظات لا تتكرر كثيرًا، وأن استثمارها قد يغير قواعد اللعبة. إن ما حدث ليس مجاملة دبلوماسية ولا مناورات سياسية، بل خطوة تحمل في طياتها تحولاً في المزاج الدولي، وخطابًا مباشرًا مفاده أن الجنوب عاد إلى طاولة السياسة الدولية، وأن زمن تجاهله قد انتهى.
*- رجل قانون
#الجنوب العربي وليس الجنوب اليمني كما فرضه أنذال الجبهة القومية