#الجنوب_لا_تراجع
تجاوزت قضية شعب الجنوب في المرحلة الراهنة حدود المطالب الحقوقية أو الحلول السياسية المجتزأة، لتستقر في وعي الشعب الجنوبي وقيادته كنقطة تحول تاريخية لا تقبل الارتداد، اذ إن الإرادة الشعبية الصلبة، مسنودة بالإنجازات الميدانية والسياسية، قد أوصلت القضية إلى نقطة اللاعودة، حيث أصبح استعادة القرار الجنوبي المستقل هو المحرك الأساسي لأي تسوية قادمة مع التأكيد على أن حق تقرير المصير واستعادة الدولة كاملة السيادة بات مساراً حتمياً لا تراجع عنه مهما بلغت التحديات.
كما إن المتغيرات التي فرضها الواقع على الأرض، والقوة التنظيمية والسياسية التي يمثلها المجلس الانتقالي الجنوبي كحامل للقضية، جعلت من فكرة العودة إلى مربعات التهميش أو المشاريع الفاشلة أمراً من الماضي. لقد أثبت الشعب الجنوبي من خلال تلاحمه خلف قيادته أن استعادة الدولة ليست مجرد شعار، بل هي مشروع وطني متكامل الأركان، لان هذا المسار يستند إلى شرعية شعبية وتفويض وطني يرفض أي محاولات لالتفاف القوى المناوئة على تطلعات الجنوبيين، معتبراً أن الوصول إلى السيادة الكاملة هو الضمان الوحيد لاستقرار المنطقة وتأمين ممراتها الملاحية والدولية.
وفي المقابل فإن أي محاولة للالتفاف على الخطوات السياسية التي أقدم عليها المجلس الانتقالي، أو محاولة إضعاف المكتسبات التي تحققت ستقود المنطقة بلا شك نحو منزلقات خطيرة، لإن التراجع عن هذه الخطوات يعني إحداث فراغ سياسي وأمني سيستغله المتربصون لإغراق الجنوب في دوامة من الفوضى العارمة، والأخطر من ذلك هو أن إضعاف الحاضنة السياسية والعسكرية الجنوبية سيعطي الضوء الأخضر لعودة نشاط الجماعات الإرهابية (مثل القاعدة وداعش) التي ظلت القوات الجنوبية حائط الصد المنيع أمام تمددها، مما يهدد الأمن القومي والإقليمي بشكل مباشر.
وكخلاصة يمكن القول إن استعادة الدولة الجنوبية بحدودها المتعارف عليها قبل عام 1990 لم تعد مجرد خيار سياسي، بل هي صمام أمان لاستقرار المنطقة بأسرها، وإن الإصرار على مسار تقرير المصير هو انعكاس لإرادة حرة لا تلين وأي محاولة لعرقلة هذا الطموح المشروع لن تؤدي إلا إلى تأزيم المشهد وفتح الباب أمام صراعات طويلة الأمد. لذا فإن استكمال استعادة القرار الجنوبي هو الطريق الوحيد نحو سلام مستدام ينهي عقوداً من الصراع والظلم.