إنعقد في فندق شيراتون عدن خلال الفترة من 26 الى 28 فبراير 2014م مؤتمر اكاديمي حول قضايا اراضي الاستثمار في الجنوب. بداية اود طرح بعض الملاحظات الايجابية حول المؤتمر على النحو التالي:
1- ان الجهة المنظمة للمؤتمر هي مركز المرأة للبحوث والدراسات التابع لجامعة عدن وتتراسه الاستاذة الفاضلة الدكتوره في كلية الحقوق جامعة عدن هدى علوي.
2- مما يشرح الصدر ويثلج الروح في هذا المؤتمر هو الحضور اللافت بقوة والمشاركة الفاعلة للمرأة الاكاديمية في جامعة عدن في كل فعاليات المؤتمر (اوراق العمل, تراس الجلسات والمناقشات) امثال الدكتورة إسمهان علس الاستاذ المحاضر في كلية الاقتصاد, الدكتورة زينة محمد خليل الاستاذ المحاضر في كلية الحقوق (مدني), الدكتورة اشواق علي سالم بن بريك الاستاذ المحاضر في كلية الحقوق (دولي خاص) والدكتورة فائزة عبد الرقيب الاستاذ المحاضر في كلية الهندسة وكثيرات غيرهن.
3- الاستجابة الرائعة للجنة معالجة قضايا اراضي الجنوب برئاسة القاضي صالح ناصر طاهر, الذي حضر مع جميع القضاة اعضاء اللجنة وتفاعلوا ايجابيا مع كل النقاشات والانتقادات دون تذمر او نفاق.
وخلال جلسات المؤتمر قدم عدد من اكاديمي جامعة عدن دراسات متكاملة حول الاراضي المصادرة في الجنوب من قبل جهات متنفذة في سلطات الدولة العليا مدنية وقبلية وعسكرية بطريقة غير مشروعة حيث:
1) قدم عضو مؤتمر الحوار الوطني الاستاذ المحاضر في كلية الاقتصاد الدكتور محمد حلبوب دراسة متكاملة بالصور الجوية والرسوم التفصيلية والجداول البيانية لمقدار المساحة المصادرة بطريقة غير مشروعة ونسبتها من اجمالي مساحة مدينة عدن, متطرقا الى تاريخ تلك الاراضي منذ عهد الاستعمار البريطاني الى حرب الوحدة او الموت.
2) قدمت الدكتورة إسمهان علس الاستاذ المحاضر في كلية الاقتصاد دراسة متكاملة عن اراضي الحق العام المرتبطة بتاريخ المدينة وابنائها والتي تمت مصادرتها بطريقة غير شرعية ومحو اغلب المعالم التاريخية لمدينة عدن.
3) كما قدمت في المؤتمر دراسة عن المناطق الرطبة وخاصة المجاورة لاحواض انتاج ملح الطعام والتي تم صرفها لمتنفذين استخدموها كورش سيارات ومحطات بترولية ما تسبب باضرار بيئية وصحية خطيرة بسبب تسرب المخلفات البترولية الى احواض انتاج الملح.
4) تطرقت احدى الاوراق الى المساحات المصروفة لاحد القياديين في السلطة المحلية لمحافظة عدن في املاك احدى مؤسسات الدولة والذي قام بدوره بالتوسع خارج تلك المساحة غير الشرعية وبيع المساحات المسروقة الى مستثمر يمني, وهو الاجراء المتبع في اراضي ميناء عدن ومؤسسة الملح ومؤسسة النفط اليمنية والمدارس والمرافق الحكومية الاخرى.
في الاخير اصدر المؤتمر مسودة بيان ختامي ونتائج المؤتمر قابلة للتعديل نضع عليها الملاحظات التالية:
1. تجاهل البيان ألاشادة بلجنة معالجة قضايا الاراضي في الجنوب وقضاتها الاجلاء الذين حضروا الى المؤتمر كما قال رئيس اللجنة للاستفادة من خبرات ومعلومات الكوادر الاكاديمية لجامعة عدن وتبادل الافكار معهم ودلل على ذلك بان اللجنة قررت تبني موضوع الاراضي الرطبة بجانب احواض انتاج ملح الطعام في عدن كاحدى إنجازات المؤتمر.
الاهم من ذلك هو ان اللجنة بكل طاقمها لم تنافق المؤتمرين وتدعي ما لا تستطيع بل وضعت امام الجميع العراقيل التي تواجهها واهمها الكم الهائل للبلاغات والشكاوى وتعدد الجهات العليا الامرة بالصرف غير المشروع والقصور القانوني في مواجهتها والفساد المتفشي في مختلف الجهات ذات العلاقة.
2. لم يشتمل البيان الختامي على اية قرارات فعالة مثل تقديم مشروع قانون لرئيس الجمهورية ينظم عمل اللجنة ويمنحها استقلالية ادارية وسلطة تنفيذية وقوة قانونية لقراراتها.
3. غلب على البيان الختامي صيغة يوصي المؤتمر في كل شيئ حتى الامور التي يمكن تنفيذها مباشرة بعد المؤتمر مثل تشكيل تحالف مدني مؤسسي داعم لقرارات لجنة معالجة قضايا الاراضي وضاغط على الجهات المخالفة والمتنفذة لوقف مخالفاتها وتصحيح اجراءاتها والمساهمة في تثبيت مبدا الشفافية ونشر المخالفات والمخالفين بالاسم والموقع القيادي.
4. كرر البيان الختامي حديثه عن البسط العشوائي على اراضي الاستثمار في الجنوب, في حين ان موضوع المؤتمر ونقاشاته تركزت على المصادرة غير المشروعة لاراضي الاستثمار في الجنوب من قبل متنفذين مدنيين وعسكريين وقبليين في مختلف سلطات الدولة العليا باوامر شخصية او قرارات مخالفة للقوانين النافذة في اليمن او بالقوة العسكرية الرسمية المسلحة.
لكل ما اوردناه نقترح الاتي:
1- قرار بتشكيل لجنة قانونية من ذوي الاختصاص لتقديم مشروع قانون لرئيس الجمهورية يحدد فيه الجهات المخولة قانونا بصرف اراضي الدولة عامة وبالاخص التابعة لمؤسسات حكومية او الاوقاف, ويحدد نظام خاص لصرف اراضي الاستثمار بشروط واضحة وملزمة تحدد من هو المستثمر وما هو المشروع الاستثماري ومن هي الجهات المساعدة (البنى التحتية) للاستثمار ومهامها, ويجرم الاعتداء على اراضي الاستثمار او مصادرتها دون حكم قضائي بات.
2- قرار بتشكيل لجنة قانونية من ذوي الاختصاص لتقديم مشروع قانون لرئيس الجمهورية يحدد فيه الصفة القانونية للنة معالجة قضايا الاراضي في الجنوب ومهامها ويمنح قراراتها القوة الالزامية ويعطي اللجنة الحماية الامنية والحصانة القانونية وسلطة تنفيذ قراراتها بقوة, ويحدد منظومة سلسة تعيد الاراضي المنهوبة الى المستثمريين الحقيقيين سريعا. إضافة الى ذلك الزام اللجنة باعتماد مبدا الشفافية التامة في عملها ونشر نتائجه على العامة بكل حرية (المخالفات والمخالفين).
3- قرار بتشكيل تكتل مدني قوي داعم للجنة معالجة الاراضي وضاغط على الجهات النافذة يساعد على كشف المخالفات وتقديم البيانات والمعلومات ويدعم تنفيذ قرارات اللجنة ويحاصر الرافضين وينشر المخالفات على كل المستويات.
4- مناشدة رئيس الجمهورية باصدار قرار بقانون لإستعادة كل الاراضي والمنشاءات والمباني ذات الطبيعة التاريخية لمدينة عدن على وجه السرعة واعلان المناطق التاريخية مناطق محرمة لا يسمح ببيعها او هدمها او تعديل وجهها والطبيعة المحيطة بها, وتاسيس هيئة للمحافظة على المعالم التاريخية والسياحية لمدينة عدن.
* د محمد البنا - التغيير