فما أصعب ما يوجع القلب ويحدث أثر يظل لفترات طويلة في الوجدان عندما يصادفك موقف أو منظر تراه عيناك يجسد في أحداثه وتفاصيله "ثمن الحرية" في ظل أنظمة الحكم الظالمة والمستبدة لشعوبها التي قهرت الإنسان الحر واستعباده وإذلاله وضياعه من أجل سيطرتها واتساع نفوذها وزيادة قوتها على حساب شعب بأكمله، هذا الشعب الذي خرج منه العديد من الرجال العظام المناديين بصوت مرتفع من أجل العيش الكريم ووقفوا ضد الظلم وقهر الإنسان التي تمارسه تلك الأنظمة المستبدة لشعوبها والذين كان مصيرهم في النهاية مجهولاً ومخفياً.
من هؤلاء الناس "عبد الأحد السامعي" الذي كان في منتصف تسعينيات القرن الماضي أحد أبطال الجيش ..
ثائراً حراً بداخله وطن يعكسه ذلك الرجل الشجاع، المقدام من خلال مواقفة ومطالبه بعزة وكرامة الوطن..
كل هذا يحمله "عبد الواحد" ولأنه أحد الشرفاء اغتالته يد الأقصاء والتهميش الممارس من قبل نظام الحكم الذي جرده من مهمته العسكرية كنوع من العقاب لخرصه وتغليق فمه وصوته المرتفع، ولكنه ظل صامداً يقارع المفسدين في هذا الوطن.
ومن أجل البقاء والاستمرار في العيش أمتهن عمل عاقل الحارة وظل مدافعاً عن مبادئه وقيمه التي تجسد "الوطن"، تلك المواقف الوطنية الرافضة للظلم والاستبداد أودت به عام 96م وراء قضبان الأمن السياسي لفترة تزيد عن عامين وهناك أخذت غرف التعذيب آخر ما تبقى من الإنسان الذي يحمله "عبد الواحد"، حيث كانت القاضية بتحويله إلى عالم اللا شيء في مصحة السجن المركزي النفسية.
مسكين "عبد الأحد" ظل مكافحاً مجاهداً يبحث عن وطن يدافع عنه وعندما وصل به اليأس حد اللا عودة وبسبب التعذيب والمعاناة أنتهى به المطاف في الرصيف ..
تراه وتعرف الوطن الآن !! فمن ثيابه المهلهلة نرى فيها الوطن الممزق، وفي عيناه الشاردتان في الأفق تبحث عن ذلك الوطن المفقود الذي نهبه الفاسدين والعابثين والقتلة، وعندما ترى وجهه المثقل بالهموم وجسده النحيل الذي تجسد فيه حياة شعب مازال يصارع من أجل البقاء .. تراه ويراود ذهنك ألف سؤال: أهكذا تكون نهاية الشجعان الأحرار..؟.
* حمدان عيسى محمد سيف - صفحة كلنا تعز