السلطة المقيدة والمطلقة للأقلمة : حضرموت وخطر الهجرة والإستيطان !!

2017-10-20 13:45
السلطة المقيدة والمطلقة للأقلمة : حضرموت وخطر الهجرة والإستيطان !!
شبوه برس - خاص - كوالالمبور

 

من المعلوم أن خطط الدول لا تبنى على مدى سنتين أو ثلاث بل على نصف عقد وما فوق. لهذا هذه بعض النقاط التي يجب أن نتنبأ بها قبل فوات الأوان وهذه النقاط أخذت بناءاً على التجربة الفدرالية الماليزية الناجحة كالتالي:

1- النقطة الأولى: أن ولايتي صباح وسرواك الماليزية واللتان يتمتعان بثروة نفطية ولهما ثقافة تختلف عن بقية الولايات. نص الدستور الماليزي على صلاحية حق سلطات تلك الولايتين رفض أي مواطن ماليزي من دخول أراضيها بما تراه مناسب.

ومن هذا المنطلق دعونا نفترض أن حضرموت نهضت اقتصادياً وعلمياً واجتماعياً وغيرها, فمن الكثير المتوقع أن تكون هناك هجرة من الولايات الأخرى والتي تتكون من نسبة سكانية ما يقارب (24 مليون نسمة). افتراضاً ان هناك (2مليون مهاجر) الى حضرموت, كيف سوف يتم التعامل معهم لان التركيبة السكانية في حضرموت سوف تتغير اذا تمت الهجرة, وبالتاكيد بعد (10 سنوات سوف يطالب أولئك المهاجرون بالهوية الحضرمية) وسوف يترتب على هذا حق الإنتخاب وغيرها من حقوق مساواة المواطنة.

(وهذا طبقا لما نص عليه في الحوار الوطني والذي سوف يحول الى الدستور والذي ينص بأحقية أي مواطن ان ينتقل ويسكن من مكان الى آخر داخل اليمن).

من وجهة نظري ان حضرموت سوف يكون لها السبق في التقدم في بناء الدولة ومن المتوقع ان التقدم في المحافظات الأخرى وخاصة الكثافة السكانية القبلية سوف يتأخر لصعوبة التخلص من الثقافة القبلية المتأصلة في تلك المحافظات تاريخياً, وطبيعة الانسان يبحث عن الكلأ والمأوى والإستقرار وبالتالي سوف تحدث الهجرة. هل هناك ما ينص في الدستور القادم من هذه العواقب المحتملة؟؟؟

 

ولنعود قليلاً إلى التاريخ أن الرئيس اليمني إبراهيم الحمدي رحمه الله عندما إتجه إلى (تمدين الدولة وإبعادها عن قبضة وتدخل القبيلة) أدت هذه السياسة إلى إغتياله. لهذا الرئيس السابق علي عبدالله صالح إستفاد من الدرس وأحتضن القبائل وقام بإنشاء مكتب شؤون القبائل التابع لوزارة الداخلية، وأنعم على المشائخ برواتب وحرس وسكن وغيرها من تسهيلات. والسؤال الذي يطرح نفسه، ماذا سيحصل من تغيير سكاني وجغرافي إذا تقدمت حضرموت على بقية الأقاليم الأخرى؟؟

فإذا أردنا أن تكون هناك دولة فدرالية متقدمة مزدهرة قائمة التناسب والتقارب على كل إقليم أن يعرف المكونات الثقافية التي تتحكم به من عادات وتقاليد وأعراف وإتجاهات عقلية وعاطفية ومواقف بين الماضي والحاضر ورؤى للمستقبل، فالثقافة غالباً لا تأتي صدفة بل هي موروث يكتسبها الإنسان من البيئة التي ترعرع فيها منذ نشأته. وتغيير الجزء السلبي من هذه الثقافات لن يتغلب عليه إلا بإستراتيجيات تعليمية وتوعوية تستغرق سنوات من الزمن.

 

ان الثقافة هي ناتج من ظروف تاريخية وسياسية وطبيعية مختلفة لهذا ممكن أن يلاحظ أنعدام قوة القبيلة في الجنوب ناتج عن الإستعمار البريطاني وسياسة الحكم الإشتراكي الذي أضعف دور القبيلة وكان لها بالمرصاد. وبدء دور القبيلة في الجنوب يكبر شيئاً فشيئاً بعد 1994 ضمن سياسة الرئيس السابق صالح القائمة على تغذية القبيلة كرديف للحكم.

2- النقطة الثانية: ان حضرموت ذات بقعة تاريخية ثقافية محصورة على الحضارم, لهذا وجب ان نتنبأ من ان تقدم حضرموت على بقية الاقاليم سوف يسودها قابلية على (شراء العقار) وسوف يتم الشراء من خارج الاقليم مما سوف يتسبب في تغيير التركيبة الجغرافية والسكانية كذلك, وسوف يصبح الحضارم أقلية في موطنهم ولن يستطيع الحضارم شراء أراضي سكنية لهم نتيجة ارتفاع اسعار العقار وكما حاصل حالياً، وهذا سوف يؤدي الى فقدان الهوية الحضرمية. ولنا تجربة من الفدرالية في مملكة ماليزيا ان  بعض الولايات لا تسمح بالتملك لأراضيها لغير المالايويين (السكان الأصليين) وذلك من أجل الحفاظ على تلك البقعة الملاوية من الضياع بيد الماليزيين. وهذا نص عليه الدستور الماليزي في المادة (86) وقننته القوانين لبعض الولايات المستهدفة بهذا الصدد.

 

وهذا التنبؤ بما نص عليه في الحوار الوطني (بأحقية أي مواطن ان يتملك في المكان الذي يريد)

هل هناك ما ينص على التغلب على مثل هذه عواقب, لان ما تم مناقشته في الحوار الوطني سوف يحول الى الدستور وعندما يحول الى الدستور لن تستطيع سلطة اقليم حضرموت بسن أي قوانين تعارض الدستور طبقا للقاعدة الدستورية (ان أي قانون يخالف الدستور يعتبر لاغي وغير صحيح). وفي حالة لم يتم تدارك هذه النقاط التي مثل هذه النقاط قننت في أكثر من دولة فدرالية سوف نعود إلى نفس المربع والخلاف وإلى دوامة الصراع نفسها ما لم ينص الدستور الفدرالي القادم على ذلك.

3- ان الكثير من المواطنين من المحافظات الأخرى لديهم بطائق بأنهم حضارم وهذا الاجراء تم بشكل سياسي ممنهج حسب علمي, فكيف سوف يتم التعامل مع هذا الاجراء وخاصة وانهم لديهم أدلة ثبوتية والتي سوف تحكم المحكمة بذلك بناءا على الوثائق التي يحملونها؟

 

للأسف الشديد الكثير من النخب الحضرمية ركزت وتركز على نسبة حضرموت من عائدات النفط وغفلوا عن أهم النقاط الدستورية وهذا اذا لم يتم التعامل مع النقاط اعلاه سوف يصبح الحضارم اقليه في موطنهم وسوف تتغير التركية السكانية والجغرافية لحضرموت وسوف يصبح الحضارم غرباء في موطنهم. عائدات النفط والثروة السمكية وغيرها ليست نقاط جوهرية لصالح حضرموت اذا لم يقننوا النقاط اعلاه, حتى وان سمحوا بجميع العائدات لإقليم حضرموت لن يفيدها اذا لم يتعامل بوضوح تجاه تلك النقاط المذكورة.

 

*- كتبه : عمر باوزير

كلية القانون- جامعة اوتارا ماليزيا