كيف نفهم حقيقة الوضع في اليمن؟

2023-07-26 11:03

 

في البداية يجب أن نعرف ان أزمات المنطقة سلسلة مترابطة حلقاتها منذ الإطاحة بنظام صدام حسين في العراق وما تلاه ولن يكون السودان اخر حلقة في هذه السلسلة بل هناك أنظمة عربية تنتظر نفس المصير لم يحن دورها بعد.

ويظن البعض أن حرب اليمن شأن خاص سببه انقلاب الحوثي على السلطة وإن التحالف تدخل من أجل إعادة الشرعية إلى صنعاء وطرد الحوثيين أو القضاء عليهم!!

   وهذا ليس صحيحاً إطلاقاً لأن الأزمة في اليمن لم تبدأ عندما استولى الحوثيون على صنعاء واحتجزوا الرئيس السابق عبدربه منصور هادي واجبروه على تقديم استقالته، بل بدأت منذ ١٩٩٢م عندما تشكل تنظيم الشباب المؤمن في صعدة للحفاظ على المذهب الزيدي من خطر الإندثار بسبب تغلغل الفكر الوهابي المتشدد الذي انتشر بشكل كبير جدا في مختلف مناطق اليمن.

هذا التنظيم نشأ تحت سمع وبصر النظام في صنعاء وسرعان ما التقطته الأيدي الخارجية الخفية مثل غيره من التنظيمات ليكون اداتها في اليمن، كذلك فإن الاستخبارات الغربية وجدت فيه وسيلة ضغط قوية على حكومات الإقليم وخاصة السعودية التي استشعرت الخطر وبدأت في الإستعداد لمواجهته، وليس خفياً على أحد الدور الذي لعبته أمريكا واستخباراتها في الدعم الغير مباشر للحركة الحوثية لتبقى قوية لخدمة أهداف أمريكا في زعزعة أمن المنطقة لتظهر أمريكا نفسها القوة القادرة على حماية أمن المنطقة والحكام والحفاظ على عروشهم.

 

لذا فإن أزمة اليمن حلقة في سلسلة المؤامرة الكبرى للسيطرة على المنطقة وتمزيق الوطن العربي  وتدمير قوته وتفتيت بلدانه وافقار شعوبه واعادتهم إلى ماقبل التاريخ، لكن هذه المؤامرة لن تمر ولن تنجح الا بأدوات عربية محلية وإقليمية وعملاء ينفذون سياسات اسيادهم في الغرب ويدمرون بلدانهم بأيديهم.

حاول تفهم ... عندما تدخل التحالف في حرب اليمن لمواجهة الحوثي كنا نعتقد ان هذا التحالف جاء للقضاء على الحوثيين واستعادة الشرعية!! كما كان شعارهم.. ولا زال.. لكن كلما اقترب الحسم في جبهة من الجبهات وتقدمت المقاومة تم ايقافها!!! بأوامر عليا!! كلكم تذكرون فيتو منع دخول الحديدة وفرضة نهم والجوف وغيرها عندما كانت تقصف بعض الجبهات بنيران صديقة!!! حتى في بداية اجتياح الحوثي لشبوة قامت طائرات التحالف بقصف مواقع المقاومة في السليم  أدى إلى استشهاد عددا منهم واجبر الباقين على التراجع وتقدم الحوثيين حتى وصلوا عتق.

طبعاً لا نقول انهم متفقين مع الحوثي لكن من يدير الحرب هو من يتحكم في توجيههم ويظهرهم غير جادين في هزيمته والقضاء عليه، وكل ذلك تنفيذاً لتوجيهات أمريكية وغريبة للإبقاء عليه قوياً من أجل اقلاق المنطقة وإطالة أمد الحرب وتحويلها إلى حرب استنزاف لموارد اليمن والإقليم أطول فترة ممكنة.

 

إذا فهمنا كيف بدأت الحرب وكيف سارت ومن يديرها.. وهذا اعتقد معظمنا يعرفه.. فهمنا ان ايقافها غير ممكن الا من حيث بدأت ومن المكتب الذي يشرف على إدارتها.

إذاً لم نكن نحن من اشعلها ولن نكون قادرين على ايقافها، ولهذا علينا البحث عن مخرج آخر "لو وجدناه" لتجنب المزيد من ويلاتها.

 

ما نعيشه اليوم من وضع اللا حرب واللا سلم المأساوي أخطر من استمرار اشتعال الحرب، وهذه الحالة سيحاولون الحفاظ عليها لتدمير ماتبقى في هذه البلاد المدمرة اصلاً حتى يقبل الشعب بتمرير مابقي من مؤامرتهم.

الآن ركز جيداً.. حالة العداء الإعلامي، الإنتقالي السعودي لم تأت من فراغ بل وراء الأكمة ما ورائها، ولن تكون في مصلحة الطرفين مهما بدأ لأحدهما انه الرابح من شيطنة الآخر؛ إنما هي اجندات أجنبية تفرض كل طرف!! وكل همسة أو حرف فيما يكتب مسيّرة للإستخدام ضد الخصم الافتراضي الذي رسم صورته العدو المشترك والذي يظن الجميع انه الصديق.

واخيرا حاول تركز وتفسر وتحلل قبل أن تحلل أجسادنا ونحن نبحث عن حل لحرب لم نشعلها وليس لنا فيها ناقة ولا جمل إنما تم استخدامنا وقودها، ونحن والجيران ضحية متساوين كأهداف ومختلفين في حجم الدمار والخراب.

 

عبدالله سعيد القروة

٢٥ يوليو ٢٠٢٣ م