قيل ان سيدا في قومه سأل جلسائه ان يكلموا له شطر مقولة او بيت شعري يقول (من يصلح الملح اذا الملح فسد) فأجتهد كل من في المجلس الا ان ايا منهم لم يأت على ما في ذهن الحاكم.
واحد من الجلوس لم يبد رأيا رغم علمه وفصاحته لهذا استبقاه الحاكم حتى غادر الجميع ثم سأله لماذا لم يبد رأيا، فقال له، اردت ان اقول رأيي دون ان يسمعني غيرك، إذ يبدو لي يا سيدي انك كنت على وشك ارتكاب خطيئة ما فارادت صاحبتها او صاحبها ان يستنهض ضميرك ومركزك في قومك فطلب منك صدر البيت او المقولة، فقال الحاكم صدقت، لهذا اتمنى عليك كتم الأمر وساصلح ما كاد يفسد.
ثم روى له المعنى الذي قصده سفيان الثوري حين قال ان فساد اللحم يصلحه الملح، والملح هنا هم اهل الحل والعقد، حكام واصحاب رأي وصحافيين وقضاة وشيوخ منابر، لهذا قال سفيان الثوري (يا رجال الحل يا ملح البلد، من يصلح الملح اذا الملح فسد).
قيل ان مواطنا من أبناء عدن ذهب إلى سوق السمك فأخذ سمكة وبدأ يتشمم ذيلها فقال له أحدهم يستحسن ان تشم راس السمكة لا ذيلها، فقال صاحبنا، الراس فاسد لذلك انا اتأكد ان الفساد لم يصل الى الذيل، والواقع ان كلام الرجل صحيح، ففي حالة الكهرباء، مثلا، لم نقرأ الا عن جهود يبذلها طواقم كهرباء عدن وادارتها اما من يسكنون الرأس فلم ينطقوا ببنت شفه.
نحن في الجنوب نعيش معاناة متعددة الاوجة، معيشية بفعل التضخم الذي ألتهم اكثر من ٩٠% من القدرة الشرائية للأجور، وخدمية متعددة الاوجه، وفوق هذا وذاك يتم رفع سعر الوقود كل شهر، تقريبا، وكأن هذه الحكومة تمتحن قدرة الناس على العيش في اقسى الاوضاع.
ملح البلد، لم يعد وصفا يصلح لأن نطلقة على اهل السلطة، ولكن الرهان يبقى على العقل الجمعي لمختلف اطراف النخبة الجنوبية التي سبق ذكرها، يجب ان يتداعى هؤلاء ويفتحوا عقولهم وقلوبهم لبعض لمجابهة الخطر القادم على الوطن والناس.
هؤلاء هم الملح الذي نأمل ان يصلح فساد اللحم قبل فوات الأوان.
عدن
٣٠ ابريل ٢٠٢٥م.