رئيس الوزراء حتى لوكان حضرميا

2025-05-13 07:49

 

قال الشاعر يزيد بن مقسم الصدفي:

يا حضرموت هنيئا ما خصصت به

من الحكومة بين العرب والعجم

في الجاهلية والإسلام يعرفه

أهل الرواية والتفتيش والطلب

 

هذا التكليف الذي اختص به الحضارم في تاريخهم، ومنحوا دوما ثقة الأقوام من حولهم، وهو من أثقل الأحمال وأقوى الأمانات التي يوكل بها قوم ويجعلهم محاسبون أمام الله والناس، ولسنا هنا في مقال تاريخي ولا مدح خالٍ من النقد والسياسة، فقد وضعنا العنوان بقصد أننا سنقف أمام عمل وحركة وتوجهات الأستاذ سالم صالح بن بريك وننصف كل ما من شأنه خدمة المواطنين ورفعة البلد ووقف الظلم وتحسين معيشة الناس، والعمل على استقرار الكهرباء بقدر كبير وبآلية جديدة وواقعية لا كذب بها ولا حيلة.

 

كل هذا سنضعه أمامه بصدق حتى لو كان رئيس الورزاء حضرميا، وهذا لا ينفي أن هناك تقصيرات حدثت أو زيادة في التعامل البيروقراطي لدى المسؤول الحضرمي حين يباشر فحص القضايا والتحقق، ولأن الشيء بالشيء يذكر هنا فإني أعود إلى بداية تعيين أول رئيس وزراء حضرمي في ظل النزاع الشهير الذي أوصل إلى كارثة 13 يناير 86م، حين اختنق الحكم في الجنوب وجرى تعيين السيد حيدر أبوبكر العطاس رئيسا للوزراء في ظرف استثنائي ونجح في قيادة الأمور، ويومها وضعت مجلة التايمز الأمريكية صورته على صفحة الغلاف مثلما وضعت مشاهير الزعماء والساس في العالم، وهو نفسه تولى بعدئذ رئاسة الوزارة في أول حكومة لدولة الوحدة في 22 مايو 1990م، وكان أيقونة الدولة الحديثة ورجل إدارة نجح بامتياز كبير بغض النظر عن الخلافات والتفصيل الأقل دقة ورهافة.

 

لماذا نقول هذا الآن؟ حتى نفسر أن ما قاله الشاعر يزيد بن مقسم الصدفي قبل ألف عام ونيف من التاريخ الهجري، لا يميزه شيء عما يقوله غيره في العصر الحديث، وكيف علينا أن نفسر ما هي البدايات التي ينوي هذا الحضرمي أن يخطو نحوها وأن يزعزع كل النقد الذي يوجه إليه منذ أن تم التعيين ما بين من هم ممتعضون على أساس أن سالم بن بريك كان وزيرا للمالية فيما سبق وأن الرواتب كانت جامدة وتتأخر، ثم الشق الآخر الذي يرى أن هذا مجرد شخص حضرمي لن يستطيع اقتحام الحواجز والحيل السياسية وأنه سيسقط في أول امتحان، وأنه إذا لم يلبِ طلبات الرئيس العليمي والسفير السعودي سيزاح ولن يطول به الجلوس على مقعد الوزارة.. كل هذه البالونات والهمس والوسوسة موجودة حاليا والظروف الراهنة بما بها من قساوة ومعاناة وتدهور تساعد على تضخيم كثير من الأقاويل والحكايات وتوقع الخيبات أكثر من التفاؤل المنتظر.

 

هذا هو معنى أن رئيس الوزراء حتى لوكان حضرميا، فإن من حقيقة القول إن وجوده من حضرموت وعمقها هو أمر ييسر له أن يحمل على كتفه عصا الحسم، وأنه ليس قادما من قبيلة أو منطقة وتحت هذه الضغوطات سيخضع وقد يبرك الجمل بما حمل وكما يسمع حاليا بأنه لن يطول زمنه وسيقف عاجزا لا محالة.

 

الأستاذ دولة رئيس الوزراء سالم بن بريك رجل يقف على شفرة السيف وإن وجع رجليه فهو صاحب حق وبه من الشجاعة الكثير، فمقولة حضرمي يخاف هذه لا معنى لها وإلا لما نجح وتميز قبله أستاذنا الرائد الكبير محمد علي باشراحيل وخاض معارك ما قبل الاستقلال وما بعد ومثله أبنائه الكرام، وهناك تميز السياسي الأممي عبدالله عبدالرزاق باذيب، وهنا الحضرمي الأستاذ أحمد باخبيرة وغيرهم ممن كانوا فوارس وحققوا إنجازات في عدن في زمن مليء بالمشاحنات والتنافس.

 

ما يجب أن نضعه هنا في الحسبان هو مزاج الناس وما يريدون أولا وأخيرا، فإذا ما يبادر رئيس الوزراء الحالي بالسعي في تفعيل ضخ النفط للأسواق وتوفير دخل يعزز الميزانية ويفتح الاختناق في حياة الناس، فإن نصف مهمته لن تكتمل، وإذا لم تشتغل مصافي عدن وتقوم بدورها الاقتصادي الكبير فإن عليه أن يخلي مكتبه ويستريح من عناء الوزارة، هناك قضايا ينتظرها الناس وهم واقفون أمام مكتبه الآن وعلى قلوبهم معلقة هذه الأماني كلها.

 

نحن سنكون جهة رقابة لعمل دولة رئيس الوزراء الحالي وليس هناك دبلوماسية أو نفاق بيننا، نحن في صف الشعب، وسنطلب منه أن يعزز التعليم الحكومي ودور الإدارات والرقابة وضبط الإيرادات وضرب أيدي اللصوص الذين يأكلون الضرائب والإيرادات في أكثر من محافظة، عليه أن يتحرك ميدانيا ونحن ندرك أن هذا الرجل الحكومي الأول صاحب خبرة ودراية ولديه هدوء عميق، وخلف هدوئه هذا عاصفة من الرياح لن تتهاون أمام لصوص المال العام وكل هواة امتلاك السيارات كل حين، وكذا من يمد يده إلى حق الدولة وكل من هو متقاعس حتى من الوزراء أنفسهم فمن يرتكب خللا أو يعبث الصرف فإن الباب إلى الشارع كما قال المثل (يفوت جمل).

 

لن يرضى رئيس الوزراء سالم بن بريك أن يتحول إلى قطعة أثاث لأي كان، ولا مجرد منصب زائد منصب أبدا.. هذا الرجل جاد وشديد الجدية وصادق وشديد الواقعية وعاطفي وشديد العاطفة من أجل الحق ورفع مستوى حال الناس والبلد، هو صموت لكنه متحدث لبق هو هادئ إنما لن يرضى أن ينهب مطار عدن أو تباع مؤسسات أو يتقافز الوصوليون والانتهازيون أمام طريق الإصلاحات التي ينوي تحقيقها، لن يسمح أن يسلبه سياسي أو عصابة مسلحة ما هو حق الناس.

 

ومن هنا فإن ما قلناه حتى لو كان رئيس الوزراء حضرميا، فإنه تحت النقد وتحت الرقابة وعند الطلب، لكن ليس متجاهلا ولا متناسيا أنه جاء من أجل الكهرباء والمصفاة والنفط والإيرادات وزيادة حقوق الشعب.. والله من وراء القصد.