قرار توحيد الرسوم الجامعية يفتح أبواب الجامعات لكل أبناء الشعب.

2025-08-21 22:14

 

القرار الصادر عن دولة رئيس مجلس الوزراء، الأستاذ سالم صالح بن بريك، بشأن توحيد وتحديد الرسوم الجامعية في الجامعات الحكومية، يعد بحق خطوة إصلاحية شجاعة وضربة قوية في صميم الفوضى والفساد الذي كان ينخر جسد التعليم الجامعي في بلادنا منذ سنوات طويلة. هذا القرار التاريخي لا يهدف فقط إلى ضبط الرسوم، بل يحمل في جوهره رسالة وطنية نبيلة، مفادها أن التعليم حق لكل أبناء الشعب، وليس امتيازاً و حكراً على أبناء الأثرياء و القادرين مالياً.

إن رئيس الوزراء بهذا القرار وضع مصلحة الطالب  فوق كل اعتبار، وأكد عملياً أن الدولة ما زالت معنية بحماية حق التعليم وضمان وصوله للجميع. القرار أرسى مبدأ العدالة والمساواة بين الطلاب، حيث لم يعد طالب في جامعة معينة يدفع أضعاف ما يدفعه زميله في جامعة أخرى، كما أنه قطع الطريق أمام استغلال العملة الأجنبية في تحصيل الرسوم بما يرهق اولياء امور الطلاب و يضاعف من أعبائهم.

 

فوائده القرار للطلاب والمجتمع:

 

1. القرار يفتح أبواب الجامعات أمام الجميع دون تمييز، ويجعل الرسوم في متناول مختلف الشرائح الاجتماعية.

 

2. تحديد سقف أعلى للرسوم الجامعية يعني أن أولياء الأمور لن يعيشوا حالة قلق دائم بشأن التكاليف الباهظة التي أنهكتهم لسنوات.

 

3. منع فرض رسوم إضافية أو تحصيل أي مبالغ بالعملة الأجنبية يغلق منافذ الاستغلال التي راجت في الجامعات لزمن طويل.

 

4. النص على إمكانية منح إعفاءات أو تخفيضات للمتفوقين والطلاب ذوي الظروف الصعبة، يمثل دعماً مباشراً للكفاءات الشابة.

 

غير أن هذا القرار الجريء سيصطدم حتماً بـ منظومة الفساد الجامعي التي اعتادت أن تحول التعليم إلى مورد مالي شخصي. هذه المنظومة التي أوصلت الجامعات إلى الوضع المأساوي الراهن، لا يمكن أن تكون جزءاً من الحل، لأن القرار يتعارض جذرياً مع مصالحها و مكاسبها غير المشروعة.

 

بالرغم من تعميم القرار على الجامعات الحكومية للتنفيذ الفوري، إلا أن ما يثير القلق هو غياب أي مؤشرات واضحة على التزام الجامعات بتطبيق القرار حتى اللحظة. لم نشهد إعلاناً رسمياً من الجامعات، ولم تنشر الرسوم الموحدة على مواقعها الإلكترونية أو لوحاتها الإعلانية كما نص القرار، وهذا الصمت يكشف عن عدم الترحيب به من قبل إدارات الجامعات.

ويبدو جلياً أن القرار اصطدم بمصالح راسخة داخل بعض الجامعات، وهو ما جعلها غير متحمسة لتطبيق قرار يقطع هذه الامتيازات. إن عدم المبادرة السريعة إلى التنفيذ يعكس حالة من المقاومة غير المعلنة للقرار، وكأن هناك محاولة لامتصاص الحدث بانتظار أن يخفت زخمه أو يتم تجاوزه.

 

إن هذا الموقف السلبي لا يقلل من أهمية القرار، بل يؤكد أن الحكومة قد وضعت يدها على مكمن الفساد الحقيقي في التعليم الجامعي. ومن هنا، فإن المطلوب اليوم هو متابعة دقيقة و حازمة من وزارة التعليم العالي، وإجراءات صارمة تضمن التنفيذ الفعلي، حتى لا يبقى القرار حبراً على ورق.

 

وقد تلجأ بعض الجامعات، عبر قياداتها المتضررة من القرار، إلى أساليب التفاف خطيرة مثل:

إلغاء بعض التخصصات بحجة عدم توفر التمويل اللازم.

 

ابتكار مداخل مالية غير قانونية تفرض على الطلاب بشكل مباشر أو غير مباشر.

 

إبطاء التنفيذ أو تعطيله عبر ذرائع إدارية مختلفة.

 

لكي ينجح القرار و يطبق بحذافيره، فلا بد من:

 

1. إقالة المنظومة الإدارية السابقة في الجامعات دون استثناء، كونهم جزءاً من المشكلة، ومنظومة الفساد التي أنهكت الجامعات ولن يكونوا جزءا من الحل.

 

2. استبدالهم بكفاءات وطنية نزيهة، تدرك أن التعليم رسالة وطنية لبناء الإنسان اليمني، قبل أن يكون مجرد مصدر دخل.

 

3. تشديد الرقابة الوزارية، بحيث تلتزم الجامعات بنشر الرسوم بشفافية على مواقعها و لوحاتها، وتقديم تقارير مالية منتظمة.

 

4. تفعيل الرقابة المجتمعية، من خلال تمكين الطلاب وأولياء الأمور من الإبلاغ عن أي تجاوزات أو رسوم غير قانونية.

 

5. توفير بدائل تمويلية مشروعة للجامعات عبر دعم حكومي منظم، أو شراكات مع مؤسسات وطنية، بعيداً عن جيوب الطلاب.

 

إن قرار توحيد وتحديد الرسوم الجامعية يمثل بداية حقيقية لإصلاح شامل في التعليم العالي في بلادنا، ويستحق رئيس الوزراء كل التقدير والثناء على شجاعته في مواجهة مصالح ضيقة طالما كانت السبب في حرمان آلاف الشباب من مقاعد الدراسة. وإذا ما أحسن تنفيذه وتمت مواجهة مراكز الفساد بقرارات حازمة وإرادة صلبة، فسيكون هذا القرار علامة فارقة في تاريخ التعليم في بلادنا، و سيكتب أن الحكومة أعادت للتعليم معناه الحقيقي كفرصة عادلة لكل أبناء الشعب، لا امتيازاً لفئة دون أخرى  !! 

.