ربط استعادة الجنوب بالقضاء على الحوثي: تحليل استراتيجي

2025-10-02 22:17
ربط استعادة الجنوب بالقضاء على الحوثي: تحليل استراتيجي
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

*- شبوة برس" خاص

تُعد مسألة استعادة الجنوب والتصدي للحوثيين من بين القضايا الأكثر إلحاحاً في المشهد اليمني، لا سيما في الجنوب. بينما يرى البعض أن هناك ترابطاً وثيقاً بين الملفين من حيث الأهمية والأولويات، يرى آخرون أن الأولوية يجب أن تُمنح للقضاء على الحوثي أولاً، وهو ما يبدو متوافقاً مع أولويات تحالف دعم الشرعية في اليمن. غير أن ربط استعادة الجنوب بإنهاء التهديد الحوثي قد يؤدي عملياً إلى إرجاء قضية الجنوب إلى أجل غير مسمى، على الأقل في المدى المنظور.

 

يُصنف الحوثيون في بعض دوائر صنع القرار، خاصة في الأمم المتحدة، كـ"حكومة أمر واقع" في صنعاء، مما يزيد من تعقيد عملية القضاء عليهم ما لم تبرز مقاومة شعبية واسعة وتنفتح جميع الجبهات العسكرية. وهذا السيناريو يبدو غير مرجح في الوقت الحالي.

 

السياق التاريخي والسياسي لقضية الجنوب

 

لا يخفى على الجنوبيين الخلفية التاريخية والسياسية لقضيتهم. إن التغيرات الإقليمية والدولية المتلاحقة تفرض على الجنوبيين التعامل معها بغض النظر عما إذا كانت في صالحهم أم لا، نظراً لتأثرهم المباشر بما يدور حولهم.

 

نحن ندرك الموقف الرسمي لدول التحالف من القضية الجنوبية، ومسؤوليتها القانونية، والهدف الذي تشكل من أجله التحالف، وهو "استعادة الشرعية" والقضاء على الحوثي. بيد أن قضية الجنوب قد نشأت قبل انقلاب الحوثي على السلطة، ومن الظلم ربطها بالتصدي لهم، فهي قضية شعب يسعى لاستقلاله وتقرير مصيره.

 

بينما يدّعي الحوثيون حقاً إلهياً في حكم اليمن، يؤكد الجنوبيون أن لا حق لأحد في حكمهم إلا من خلال صناديق الاقتراع، استناداً إلى الشرعية الدستورية.

 

هل هناك ارتباط بين استعادة الجنوب والقضاء على الحوثي؟

 

من الناحية المبدئية، لا يوجد ارتباط مباشر بين استعادة الجنوب والقضاء على الحوثي. لكن سياسياً، يتأثر الأمر بموقف التحالف والالتزامات الدولية.

 

داخلياً، فإن معظم القوى السياسية والعسكرية اليمنية لا تعترف بحق الجنوب في استعادة استقلاله، بل وقد تتعاون مع الحوثي أو تتآمر معه ضد التحالف والقوى الأخرى. وهذا يستدعي الحذر وعدم التسرع في اتخاذ خطوات غير محسوبة.

 

وجهات النظر المختلفة حول الأولويات

 

تتباين وجهات النظر حول تحديد الأولويات. فالبعض يرى أن الأولوية يجب أن تُمنح لاستعادة الجنوب كخطوة لفرض أمر واقع، لكن ذلك يتطلب ظروفاً مناسبة وموافقة من التحالف الذي لا يبدو متاحاً حالياً.

 

في المقابل، يرى فريق آخر أن الأولوية يجب أن تكون لمواجهة الحوثي، وهو رأي تدعمه دول التحالف ومعظم الأطياف السياسية اليمنية والدول المعادية للحوثيين.

 

التحديات التي تواجه استعادة الجنوب

 

تواجه عملية استعادة الجنوب تحديات كبيرة، أبرزها الالتزام الدولي الذي يتبناه التحاق بالحفاظ على "وحدة اليمن وسلامة أراضيه"، كما تردد في التصريحات الرسمية. ومع ذلك، فإن ذلك لن يثني شعب الجنوب عن المطالبة بحقه في تقرير المصير واستعادة أرضه واستقلاله.

 

يعتبر كثير من الجنوبيين أن مسؤولية القضاء على الحوثي تقع بالدرجة الأولى على عاتق القوى والقبائل اليمنية التي تدعمه وتزوده بالمقاتلين والغطاء الشعبي. وعليها يقع واجب التحرر من سلطته أو القبول بالعيش تحت حكمه بناء على ادعاء الحق الإلهي.

 

خلاصة الرؤية

 

من الضروري وضع استراتيجية شاملة تأخذ في الاعتبار كل العوامل والمتغيرات في اليمن والجنوب. يجب أن تقوم هذه الاستراتيجية على فهم عميق للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأن تتبنى رؤية واضحة للمستقبل تضمن الأمن والاستقرار، وتمنع تكرار الأزمات والحروب، وتبني أسساً متينة للسلام والأمن في جنوب الجزيرة العربية.

 

*- موضوع مستوحي من مقال للأستاذ "عبدالله سعيد القروة"