الجنوب العربي.. معركة الهوية الضائعة بين التاريخ والتدخل الخارجي
*- شبوة برس – خاص
حين حكمت الجبهة القومية على الجنوب العربي بعد رحيل الاستعمار البريطاني، كان كثيرون يظنون أنهم يشهدون ميلاد الحرية، لكن ما جرى لم يكن سوى عملية سطو سياسي وثقافي منظمة على هوية شعبٍ عريق. فقد تسلل إلى التنظيم ثلة من الوافدين من الجمهورية العربية اليمنية، أغلبهم من تعز، يتقدمهم الماركسي عبدالفتاح إسماعيل وسلطان أحمد عمر ومحسن الشرجبي وغيرهم ممن جاؤوا فارين من القهر في اليمني تاريخيا، ليصنعوا في عدن وطناً بديلاً يحكمونه باسم الثورة.
هؤلاء حولوا الجنوب من كيان عربي أصيل إلى نسخة مشوهة من “اليمننة”، فبدل أن تكون عدن حاضنة التعدد والانفتاح، تحولت إلى ساحة صراعٍ أيديولوجي ودموي طمس معالم الهوية الجنوبية، وأعاد تشكيل التاريخ وفق مشروعٍ دخيل لا يمت لجغرافيا الجنوب ولا لوجدانه بصلة.
المؤلم أن بعض من يزعمون اليوم أنهم مثقفون أو سياسيون جنوبيون، ما زالوا يكررون ذات الخطأ الفادح، حين يخلطون بين أرض الجنوب العربي التي تمتد جذورها في التاريخ، وبين حكومة اتحاد الجنوب العربي التي كانت تجربة إدارية قصيرة ورائدة وحدّت سلطنات وإمارات الجنوب في أواخر الخمسينات. ذلك الخلط المتعمد لا يخدم سوى رواية من جاءوا عام 1967 ليصادروا اسم الجنوب ويغتالوا ذاكرته.
الجنوب العربي ليس فكرة طارئة ولا جغرافيا عابرة، بل هو هوية راسخة تسبق كل المسميات، وتنتظر من أبنائها أن يعيدوا لها نقاءها الأول، بعيداً عن تشويهات اليمننة ومشاريع الوافدين.