30 نوفمبر...ثمن لا ينتهي!

2025-11-12 07:16

 

الجنوب ثورة لا تموت، لكنه أيضاً قصة نضال تتكرر ووجع سياسي لا حدود له.

لقد قدم شعب الجنوب أغلى ما يملك من أجل الحرية والكرامة والاستقلال والعيش الكريم، لكنه ما زال حتى اليوم يواجه مؤامرات داخلية وخارجية تحاول وأد أحلامه، في ظل غباء سياسي عجيب، لا يزداد مع الزمن إلا رسوخاً.

نحن أبناء هذه الأرض نعرف وجعها جيداً، ونعرف من يخلص لها ومن يتاجر بها.

ويا للأسف، منذ فجر الاستقلال، تسلم السلطة في عدن أُناس خذلوا الوطن وخانوا الأمانة. حكموا عدن بالجهل والأنانية، فدمروها، وتركوا وراءهم جراحاً ما زالت تنزف حتى اليوم.

استلموا جنوباً موحداً مزدهراً، وكانت عدن يومها تلقب بـ«زهرة المدائن»، فماذا فعلوا بها؟ عبثوا كما يعبث الجاهل بالأمانة، وأضاعوا البوصلة بين شعارات جوفاء وأحلام لا تمت إلى الواقع بصلة. بدلاً من البناء والتطوير، ارتهنوا لأوهام الاشتراكية الزائفة، ثم رفعوا شعار الدفاع عن الثورة اليمنية وتحقيق الوحدة، حتى سلّموا الجنوب، بكل سذاجة، إلى من أتقن الخداع والمكر علي عبدالله صالح.

باعهم بالألقاب والمناصب والقصور والسيارات الفارهة، فاستسلموا، ثم عادوا بعد حين يصرخون «ثورة ثورة يا جنوب!»

واليوم... يعيد التاريخ نفسه. بعد تضحيات جسيمة وانتصارات عظيمة على الحوثيين والعفاشيين، يعود العبث من جديد. يغريهم بريق المال والعيش الرغيد في الأبراج الفاخرة، بينما أبناء الجنوب يئنون تحت وطأة المعاناة في شوارع عدن.

أي عبث هذا؟ وأي غباء سياسي يدار باسم الوطن؟!

كيف يتحدثون عن الوحدة والكرامة، وهم لا يساوون نعل فقير يلهث وراء لقمة العيش في وطنه الجريح؟

إن مواجهة هذا الواقع تحتاج إلى وعي وصبر وصلابة في وجه قطيع مغيب عن وعيه، يسير إلى مذبحه وهو يظن أنه ينتصر!

الوقت يداهمنا، والعواقب ستكون وخيمة إن استمر هذا التيه.

فالجنوب لم يحقق بعد ما ضحى لأجله، وما زال يدفع ثمن أخطاء السذج والمهووسين بالكراسي.

ما يحدث اليوم ليس مجرد إهمال عابر، بل حرب ممنهجة تستهدف المجلس الانتقالي الجنوبي، وتدمير متعمد لإنسان الجنوب وإذلال متواصل لكرامته.

لقد بلغ القهر مداه، وتراكم عبر عقود من الظلم والجوع والحرمان، حتى بات على وشك الانفجار.

ويبقى السؤال المر..

من الذي أقنع هذه الجماهير المرهقة، الممزقة بين الخلافات، بضرورة أن تثور مجدداً؟ وكيف نطلب منها الاتحاد وهي لم تتفق يوماً على قناعة واحدة؟!

ومع ذلك... تبقى المرحلة الراهنة مرحلة وعي واصطفاف جنوبي، بكل ما فيها من أخطاء وانكسارات.

علينا أن نكون جميعاً انتقاليين لأن الجنوب أكبر من كل الأسماء والانتماءات.

اللهم ارحم شهداء الجنوب الأبرار الذين قدّموا أرواحهم فداء للوطن، واجعل الجنة مثواهم ومأواهم.

 

ويبقى الجنوب كما عهدناه حراً، أبياً شامخاً، لا ينكسر.

 

✍️  ناصر العبيدي