حضرموت تعيد تعريف معادلة الدولة الجنوبية وتفرض موقعها رأسًا للقاطرة
شبوة برس – خاص
كتب المحلل السياسي هاني سالم مسهور مقالًا تحليليًا نشرته صحيفة العين الإخبارية، تناول فيه التحولات العميقة التي تشهدها حضرموت، معتبرًا أن ما يجري فيها يتجاوز كونه حدثًا أمنيًا عابرًا ليصل إلى مستوى اللحظة التأسيسية للجمهورية الجنوبية الثانية، حيث باتت حضرموت، بحسب المقال، مركز الثقل السياسي والعسكري في صياغة مستقبل الجنوب العربي، وهو المقال الذي اطلع عليه محرر شبوة برس.
وأوضح مسهور أن حضرموت كشفت، خلال التطورات الأخيرة في الهضبة والوادي، عن طبيعتها السياسية الراسخة، مؤكدًا أن المعادلة الجنوبية لم تعد قابلة للفهم أو القراءة بعيدًا عن دور حضرموت ومكانتها. وأشار إلى أن القاطرة الحقيقية لمشروع الدولة الجنوبية لم تعد محصورة في عدن أو شبوة أو أبين، بل باتت تنطلق من حضرموت، بما تمتلكه من وزن جغرافي وعقل سياسي متجذر في التاريخ.
وتوقف المقال عند ما وصفه بالتمرد القبلي الذي شهدته مناطق من الهضبة، معتبرًا أنه لم يكن خلافًا محليًا أو نزاع مصالح، بل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدولة على فرض هيبتها وحماية مؤسساتها. ولفت إلى أن التردد الذي طبع موقف السلطات شجع التمرد على التمدد، قبل أن تنكشف حدوده أمام خصوصية حضرموت التي لا تقبل بوجود سلطة موازية أو واقع مفروض بقوة السلاح.
وأشار الكاتب إلى موقف اللواء فرج سالمين البحسني، الذي وصف ما جرى بوضوح بأنه تمرد قبلي يجب التعامل معه ضمن الإطار القانوني، معتبرًا هذا الموقف إعلانًا صريحًا لعودة منطق الدولة من بوابة حضرموت، حيث يكون القانون هو المرجعية وليس منطق القوة أو توازنات القبيلة.
وأكد مسهور أن الحسم الذي نفذته قوات النخبة الحضرمية في الثالث من ديسمبر 2025 لم يكن رد فعلًا عسكريًا عابرًا، بل امتدادًا لدور هذه القوة التي سبق أن قدمت نموذجًا منضبطًا في تحرير المكلا من تنظيم القاعدة عام 2016. وأضاف أن نجاح النخبة في إنهاء التمرد خلال ساعات عكس امتلاكها لفكرة الدولة والانضباط المؤسسي، لا مجرد التفوق العسكري.
وتطرق المقال إلى البعد الإقليمي، معتبرًا أن حضرموت تمثل عقدة مركزية في أمن الخليج والطاقة والممرات البحرية ومكافحة الإرهاب، وهو ما يجعلها عنصرًا أساسيًا في أي ترتيبات سياسية قادمة. وأوضح أن تعامل الرياض مع ما جرى جاء من موقع الرعاية للاستقرار ومنع الانفلات، بما ينسجم مع هدف منع الميليشيات من فرض أمر واقع.
كما أشار الكاتب إلى أن استكمال معادلة الاستقرار يمر عبر وادي حضرموت، الذي ظل لعقود خاضعًا لقوات موروثة منذ حرب 1994، ما خلق بيئة رخوة تسللت عبرها شبكات تهريب وتنظيمات إرهابية. واعتبر أن تحرك القوات الجنوبية نحو الوادي يمثل استجابة طبيعية لمطلب حضرمي قديم بامتلاك القرار الأمني والعسكري.
وخلص مسهور إلى أن ما يجري في حضرموت ليس مواجهة عسكرية فحسب، بل إعادة رسم لملامح الجنوب القادم، مؤكدًا أن استقرار الجنوب من استقرار حضرموت، وأن الجمهورية الجنوبية الثانية تتشكل اليوم بوعي حضرمي يعيد الاعتبار لمشروع الدولة القائم على القانون والعقل المؤسسي، لا على الفوضى والسلاح المنفلت.