شبوة برس – تعليق
تتكشف يومًا بعد آخر أبعاد العملية العسكرية الجارية في حضرموت والمهرة، بما يتجاوز التقديرات الأولية التي حصرتها في قطع طرق التهريب الممتدة عبر الصحارى، باعتبار ذلك مصلحة إقليمية ملحّة. فالمعطيات التي برزت مؤخرًا تكشف عن ملف أخطر وأعمق، يتعلق بوجود مصافٍ بدائية لتكرير النفط الخام داخل بعض المعسكرات في صحاري حضرموت.
هذه القضية لا يمكن التعامل معها بوصفها فسادًا أو سرقة نفط خام فحسب، بل هي مسألة تمس الأمن الإقليمي والدولي. فوجود منشآت تكرير وإنتاج وبيع مشتقات نفطية خارج إطار الدولة يعني تدفق مليارات الريالات وملايين الدولارات إلى جهات غير معلومة، في مناطق تخضع لنفوذ قوى قريبة من تنظيمات متطرفة. ويعزز ذلك المخاوف من توجيه جزء من هذه الأموال لتمويل تنظيم القاعدة والجماعات التكفيرية، وربما وصول بعضها إلى جماعة الحوثي.
ويؤكد محرر شبوة برس أن الانتشار الأمني للقوات الحكومية الجنوبية في حضرموت والمهرة يأتي في سياق تجفيف منابع تمويل الإرهاب وقطع طرق تهريب المخدرات والأسلحة بمختلف أنواعها إلى مليشيات الحوثي، وهو ما يفسر الإصرار الإقليمي والدولي على أن تُسلَّم هذه المناطق لقوات عسكرية موثوقة تضمن عدم تحوّلها إلى ملاذ أو مصدر تمويل للتنظيمات الإرهابية، وبما ينسجم مع متطلبات الأمن الإقليمي ومصالح الولايات المتحدة.
أما الحملات الإعلامية المكثفة التي تستهدف القوات الحكومية الجنوبية ووجودها في حضرموت، فيراها محرر شبوة برس رد فعل طبيعي لشبكات تمتلك موارد مالية ضخمة، وتخشى فقدان مصادر تمويلها ونفوذها.
ويذكّر محرر شبوة برس بأن اللواءين أحمد سعيد بن بريك وفرج سالمين البحسني، أثناء توليهما منصب محافظ حضرموت، أكدا في أكثر من مناسبة خلال الفترة من 2015 إلى 2016، أن عناصر تنظيم القاعدة التي أعادت نشاطها بعد تحرير المكلا وساحل حضرموت كانت تنطلق من معسكرات المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت وتعود إليها.
كما سبق لصحيفة شبوة برس أن نشرت معلومات موثقة عن قيام الشيخ التكفيري يحيى الحجوري الجهيماني ببناء تجمعات ومدن ومعاهد دينية في مناطق صحراوية نائية وشبه خالية من السكان في حضرموت، ويتساءل المحرر عن الغاية من إنشاء هذه المدن، في ظل مؤشرات على استقدام عناصر متطرفة مع أسرهم وتوطينهم في صحراء حضرموت، بما يهدد النسيج المذهبي والاجتماعي لأبناء حضرموت من أهل السنة الشوافع.
ويؤكد محرر شبوة برس أن ما يجري اليوم يفرض قراءة مختلفة للمشهد، تتجاوز الشعارات، وتضع ملف النفط والتمويل غير المشروع في صدارة أسباب الصراع، باعتباره الخيط الأخطر الذي يربط بين الفوضى والإرهاب ومحاولات إبقاء حضرموت والمهرة خارج سلطة الدولة والنظام.