وافتقدنا جوهرة الطرب الحضرمي بدوي زبير

2013-11-18 02:47
وافتقدنا جوهرة الطرب الحضرمي بدوي زبير
شبوة برس- خاص عدن- شبام

 

هذا الموضوع كتبه الصحفي اللامع والأمعي الأستاذ علوي بن عبدالله بن سميط عقب وفاة جوهرة الطرب الحضرمي الفنان بدوي الزبير بعد وفاته مباشر ة في 18 نوفمبر 2000م في صحيفة الأيام .

وبمناسبة الذكرى الثالثة عشرة لوفاة الفنان الزبير ننشر مرة أخرىما كتبه الزميل بن سميط لصحيفة الأيام الغراء :

 

وافتقدنا جوهرة الطرب الحضرمي بدوي زبير

يوم السبت 18 من نوفمبر حملت الأنباء وفاة رمز وعلم بارز وقامة غنائية عاشت لتسعد الناس لأكثر من ربع قرن عندما أنطلق نجم فني أضاء وأشرق على الوسط الفني من سماء مدينة شبام حضرموت التي أنجبت صوتاً متميزاً مثلما ولدت عظاماً قبله في مختلف الفنون والعلوم , أنه الفنان أحمد يسلم زبير الشهير بـ(بدوي) الذي خطا ليرتقي ويتربع على عرش الأغنية الحضرمية الأصيلة وأنتهج من البداية أسلوباً مكنه من إنتزاع الإعجاب بحفاظه على تفرد الأغنية الحضرمية وقلقه عليها من أن تصاب بالحان وإضافات دخيله وله القسط الأكبر بضبط إيقاعها ومجمل ألحانها بواسطة غناءه لكلمات شعراء الأغنية الرواد وبألحان أصلية وتعلق كثيراً بترديد أغاني فنان حضرموت في الستينات محمد جمعه خان مما جعل الكثير من الفنانين بالداخل والخارج أن يخلعوا عليه لقب (خليفة محمد جمعه خان)

 

والى جانب إتقانه أغاني اللون الحضرمي فأنه أي بدوي كان ناجحاً بكل المقاييس الفنية لغناء الألوان اليمنية المتعددة كالعدني ,الصنعاني,اللحجي , وبشهادة الكثيرين.. ولم يكن الفقيد (بدوي) صوتاً جميلاً بل موسيقياً , إذ يجيد العزف على كل الآلات الوترية كالعود والكمان وإيقاعي وملحن ويقول أحياناً شعراً غنائياً وبدأ من صغره متعلقاً (بالشبابة) أو مايطلق عليه بحضرموت (المدراف) الأقرب للناي وأتقن الغناء الشعبي التراثي ذا التركيب الإيقاعي كفن (الزربادي) الخاص بالأعراس .. أنه فنان ومغن فادائه طربياً آسر يجذب الحضور والمستمعين ويحرك المشاعر ويثير الشجون مستحقاً بذلك أن يكون (جوهرة الطرب الحضرمي) وأمير المطربين وتلك ليست مبالغة فهو مطرب ذو ثقافة عامة وفنية وإن كان الإعلام مقصراً بقصد أو بدون, إلا أن شهرته تجاوزت محيط الوطن وسبقته الى الخارج فأضحى خير سفير للطرب في المحافل التي دعى إليها فردد وراءه الجمهور وترنم وصفقت له طويلاً المسارح والقاعات في الكويت , الحبشة ,ليبيا, فرنسا, بريطانيا, الإمارات , ولأنه جوهرة دعاه المعهد العالمي الأمريكي الموسيقي للتعرف بالموسيقى والدان الحضرمي في نيويورك وولايات أخرى على مدى أسبوعين خلال العام الجاري 2000م كما له تسجيلات بالإذاعة والتلفزيون اليمني بقناتيه وكثيراً مارحل الى السعودية والخليج لأحياء حفلات فنية للمغتربين اليمنيين , وأعتقد ومعي الكثيرون أن بدوي زبير ولد مبدعاً وعاش مطرباً وإنساناً الى ساعة الرحيل وبخلاف الغناء فانه يمتلك صفات ومهارت إبداعية أخرى فهو ماهر ومتقن في الصناعات اليدوية كالنقش والزخارف على الخشب المستخدم للنوافذ والأبواب وبصورة بديعة وبأنامل كأنها تداعب عود الطرب وكما نجح فنياً أكتسب علاقات إنسانية إجتماعية وسعت من شعبيتها أساسها المودة والمحبة فكان ودود المعشر وفياً .. مرحاً , متوتضعاً جماً , محباً للتكامل والتعاون الإجتماعي , دائم الحضور وفي المقدمة في الأفراح والأتراح , مواسياً وحاضراً لإسعاد الآخرين فمزج الفن بحياته اليومية كفلسفة تخصه , ومن المصادفات أن تكون آخر نتاجات الشاعر الكبير حسين المحضار الغنائية قبل أن يرحل مطلعها (خطفت قلبي لأنك ماتخاف ) التي خصها للفنان للفنان بدوي الذي لحق به بشهور كأن الصوت أبى أن يبقى والكلمة واللحن فارقه !

 

إنني عاجز عن الوصف والتعبير عن شخصية رحلت في قمة العطاء وتركت فراغاً في مساحة النغم الأصيل ومن بطاقته الشخصية نقرأ معاً .. هو احمد يسلم زبير (بدوي) من مواليد شبام 1950م درس حتى المرحلة المتوسطة (نظام قديم) بدا حياته الفنية منذ الصغر وفي الحفلات المدرسية , وعرف كفنان من أوائل السبعينات عمل بالخاص وموظفاً حكومياً لفترة من الزمن بإدارة البريد وتفرغ كفنان بإدارة الثقافة مدة طويلة ليعود الى العمل الخاص(فناناً) له من الأبناء (3) من الذكور و(2) من الإناث , رحلت الصغيرة وعمرها أكثر من 6 سنوات قبل شهر إثر حادث مروري ليلحق بها بعد فترة قصيره.

 

أبا صالح ! إفتقدناك ونعلم أنه الرحيل الأبدي وأنه القضاء والقدر ومشيئة الخالق وسنة الحياة نؤمن بها وكلنا راحلون.. غادرتنا ألا أنك باق بين ظهرانينا حياً في وجدانناً بم خلفته بدار الغناء من تراث ونغمات .. نذكرك بما حيينا وسوف تتناقل الأجيال بالقول (( إن شبامياً من حضرموت أسمه بدوي قدم فناً خالداً لليمن والجزيرة , رحل فلم ننسه ))

 

إليك أيها الوفي دعاءنا بالرحمة والمغفرة ولنا أهلك محبييك وجمهورك الصبر والسلوان وعزاء الجميع فيك, أنهم يعدون من اليوم ترسيخ ذكراك والتذكير بمآثرك بحفل تأبين بطابع غير تقليدي , ولن يبخل محبو الفن عموماً لأن تبقى حياً أن مت فالوفاء باق وأقل للوفاء تخليداً ذكراك( يامن عشت سالي الى أن مت) إنا لله وإنا اليه راجعون .

(الأيام) العدد 3242 نوفمبر 2000م