صالح و‘‘القاعدة‘‘ . . تاريخ فاضح من التوظيف السياسي

2015-04-13 08:52
صالح و‘‘القاعدة‘‘ . . تاريخ فاضح من التوظيف السياسي
شبوة برس - متابعات - صنعاء

 

مثّل تنظيم القاعدة أحد أبرز الأوراق الأمنية والسياسية التي كرسها الرئيس السابق علي عبدالله صالح خلال العقد الأخير من حكمه لليمن طيلة 33 عاما، لتعزيز الدعم السياسي الإقليمي والدولي لاستمرار احتكاره هرم السلطة في البلاد والحصول على موارد مالية إضافية لدعم جهود القوات اليمنية المتخصصة في مكافحة الارهاب والقوات الخاصة .

 

الظهور المتجدد لحضور وتهديدات تنظيم القاعدة في اليمن بالرغم من الحملات العسكرية المتكررة التي نفذتها وحدات عسكرية متخصصة في مكافحة الارهاب معززة بقوات من الجيش وخاصة خلال العقد الأخير من سنوات حكم صالح أثار شكوكا وتوجسات موضوعية في جدية القرار السياسي المتعلق بمكافحة تنظيم القاعدة واحتمالات تورط مراكز قوى أمنية وعسكرية ووجاهات قبلية نافذة ومقربة من هرم السلطة في توفير الدعم اللوجستي اللازم لاستمرارية الحضور القسري للقاعدة مع الإبقاء على الحدود الممكنة من السيطرة على جموح التنظيم المتطرف .

 

واعتبر الباحث اليمني المتخصص في دراسة تاريخ الحركات الأصولية المتطرفة في اليمن عبد الرحمن أحمد ثابت الأغبري في تصريح ل"الخليج" أن التجدد المتكرر لحضور وظهور تنظيم القاعدة في اليمن والذي توج في العام 2009 بتأسيس ما يسمى ب"تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" والمكون من ائتلاف عناصر التنظيم في كل من اليمن والسعودية يرجع إلى جملة من الأسباب من أبرزها الاسلوب الذي انتهجه النظام السابق في التعامل مع التنظيم والذي اتسم بالمرونة وعدم التشدد والتكريس السياسي وهو ما أفرد مساحة استثنائية للقاعدة للتحرك بالكثير من الاريحية في العديد من المناطق اليمنية النائية نسبياً وعزز فرصها في اختراق الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المعنية بمكافحة الارهاب بالترافق مع الحصول على امتيازات البيئة القبلية الحاضنة التي وفرها لها وجاهات قبلية معظمها ترتبط بعلاقات وطيدة من الرئيس السابق .

 

تنسيق قديم.

وأكدت مصادر أمنية مطلعة على ملف مكافحة الإرهاب في اليمن في تصريح ل "الخليج" أن الرئيس السابق سمح باستخدام قواعد عسكرية ك"العند" بمحافظة لحج و"القاعدة الجوية" بمحافظة الحديدة وغيرها من القواعد العسكرية اليمنية للطائرات الأمريكية دون طيار نوع "بريداتور" لتنفيذ مهام استهداف قيادات وناشطي ومناطق تمركز عناصر تنظيم القاعدة في اليمن، مقابل الحصول على مساعدات أمريكية وغربية لتأهيل وتطوير القدرات القتالية والتسليحية للوحدات العسكرية النوعية التي أُنشئت بقيادة نجله الأكبر العميد أحمد علي عبدالله صالح، والتي تحولت إلى ما يشبه "الميلشيات العائلية" التي كرسها صالح بعد خروجه القسري من السلطة، بموجب اتفاق المبادرة الخليجية الموقع في نوفمبر 2012 بالرياض، لفرض حضوره القسري على المعادلة السياسية الطارئة في البلاد وإعاقة إحداث التغيير المنشود وعرقلة العملية السياسية التي أقصته من سدة الحكم بعد ثورة شبابية وشعبية غير مسبوقة شهدها اليمن في 11 فبراير 2011 لإسقاطه والاطاحة بنظامه المتهالك .

 

لم تكن المعلومات التي كشفها أحدث تقرير أعده فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي حول التقاء صالح بمكتبه بصنعاء في العام 2011 بحضور وزير الدفاع انذاك اللواء محمد ناصر أحمد بالأمير المحلي لتنظيم القاعدة سامي ديان سابقة يمكن من خلالها الوقوف على طبيعة التوظيف غير المشروع الذي انتهجه صالح في تعامله مع القاعدة واستخدامه كورقة مؤثرة في التعاطي مع تحديات ذات طابع أمني وسياسي اعترضت النظام السابق .

 

وأشار الخبير اليمني المتخصص في دراسة ظاهرة تنظيم القاعدة في اليمن عبد الحكيم العزي في تصريح ل"الخليج" أن استقبال الرئيس السابق لديان في مكتبه تزامن مع تصاعد الاضطرابات والزخم الشعبي للثورة الشبابية والشعبية التي اندلعت ضد نظام حكمه في فبراير ،2011 معتبراً أن التمدد غير المسبوق لتنظيم القاعدة والذي وصل إلى حد تأسيس إمارة للتنظيم في منطقة "عزان" بمحافظة شبوة والتوسع الذي توج بالسيطرة على ثلاث مديريات في محافظة أبين المجاورة يمكن أن يستشف منه طبيعة وتفاصيل التفاهمات والاتفاقات التي خلص إليها ذلك اللقاء غير المعلن والتكريس غير المشروع للقاعدة كورقة من قبل الرئيس السابق .

 

سيناريو فرار سجناء القاعدة

أثار تطور مسار الأحداث المتسارعة الذي تشهده المحافظات الجنوبية في اليمن منذ بداية محاولات الاجتياح المسلح للحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق للجنوب والمتمثل في فرار ما يقدر ب 300 من عناصر القاعدة بينهم القيادي البارز في التنظيم خالد باطرفي من سجن حكومي بمديرية المكلا بحضرموت اتهامات موضوعية للرئيس المخلوع باللجوء مجددا إلى استخدام ورقة القاعدة لمواجهة تحديات الانحسار المتزايد لنفوذه وقدرات القوات الموالية له والمتحالفة مع الحوثيين في إحراز تقدم ميداني يمكنه من فرض هيمنته مجددا على الجنوب والسيطرة على عدن .

 

الاتهامات ذاتها استندت على سوابق، لا تزال ماثلة في الذاكرة اليمنية اللزجة، من قبيل تسهيل فرار 28 من عناصر القاعدة بينهم قيادات بارزة من سجن ملحق بمقر جهاز الأمن السياسي "المخابرات اليمنية" في شهر فبراير 2006 والافراج غير المشروع في 28 أكتوبر 2007 عن القيادي البارز في التنظيم جمال البدوي، المتهم بكونه الرأس المدبر لتفجير المدمرة الأمريكية "اس اس كول" قبالة شواطئ عدن في 15 أكتوبر 2000 وهو ما تسبب في تداعيات حادة على اليمن والمنطقة

 

* الخليج