أبوبكر.. حين يهوي صوت الجبل..!

2017-12-16 08:39
أبوبكر.. حين يهوي صوت الجبل..!
شبوه برس - متابعات - الرياض

 

حين تهوي الجبال فإنها لا تفتعل الحفر في جذور الأرض وأعماقها فحسب، بل إنها ترتكب السقوط الحر الموزع في كل الجهات، لكن المفارقة بين الجبال الحجرية والصوت الجبلي، هو أن الجبال تقضي عمرها في صمتٍ مهول حتى تُفضي إلى السقوط المحتم، فلا يطفو على الكونِ إلا صوت الدوّي من أثرِ الارتطام، بينما كان صوت أبوبكر يعبر المسافات الشائكة إلى النفس، ويشق طريقاً ملتبساً بين النوايا، فيمر على الحزن بمسحة من نسائم الجنوب الغربي، ويُعتق المشاعر بما هو أثمن من عقيقٍ يماني بكافة ألوانه الحمراء والسوداء والبيضاء، حتى هوى وأعلن الصمت المفاجئ.

 

هذا الصمت المفاجئ الذي افتعلته الأقدار لظاهرة الصوت الجبلي، تركنا متورطين بالساعات الأربع والعشرين التي بالكاد تمر دون أن نستبطن أغنياته في حالاتنا الوجدانية المتقلِّبة، فمن ذا الذي سيصرخ في رسول المحبة ليبلِّغ الإشارات؟ ومن ذا الذي سينادم زارعي العنب والسمّار؟ ثم يُبهرج خساراتنا في المواقف الصعبة. ومن ينسى أنه لطالما كان يؤبن جراحنا بإخلاص يؤذي طبقات صوته المجهد من عوامل السن والمرض، ومن ينسى أنه واحد من الذين تعلموا وعلموا الأجيال أبجديات حب الوطن عندما شدا برائعته الخالدة التي مازالت تُغني جيلاً بعد جيل "يا بلادي واصلي".

 

وباعتبار أن صوته كان يجاهد ليبقينا على قيد الشعور بما يُلهب الحواس، فيمكن القول: إن الفارس قد ترجل عن صهوة جواده، ووضع كل نياشينه الصوتية جانباً، فشيعته الأحاسيس، ومشت الأفئدة في جنازته، فـإلى رحمة الله أيها الإنسان والأديب والفنان.. أبوبكر سالم.

 

*- عادل الدوسري – جريدة الرياض