العد التنازلي لإنفصال جنوب اليمن قد بدأ ... وصنعاء مازالت تُكابر

2013-04-30 20:33
العد التنازلي لإنفصال جنوب اليمن قد بدأ ... وصنعاء مازالت تُكابر
شبوة برس- خاص صنعاء

اصبح المواطن الجنوبي في اليمن يكرة الوحده اليمنيه بقدر كرهه للوضع المزري في البلد. في الشمال يرى المواطن الفساد سبب رئيسي  للجهل والتخلف والفقر والذي دائما مايُربط بالمشايخ ومراكز القوة المتنفذه هناك.كل هذا يمكن تغييره بثورة "حقيقه" او حتى بعزرائيل. لكن الحال في الجنوب يختلف كثيرا فمع كل انقطاع للتيار الكهربائي وانقطاع كل قطرة مياة يراها الجنوبي قادمه من صنعاء ملبسه بثوب المتنفذ والمحُتل احيانا والمستمتع بخيراتهم بقوة العتاد والاعداد. قد لاتكون هذه النظره صحيحه بمجملها, لكن الكثيرين باتوا يتفقون اليوم على استحالة محي هذا المفهوم دون حل جذري يُغيرن ملامح الدولة الحالية.

 

جائت ثورة فبراير2011 في اليمن واستبشر بها الجنوبيين كثيرا, لكنهم إلى اللحظه لم يلمسوا اي تغيير "حقيقي" في تعامل الشمال مع قضيتهم العادلة. فعلى الرغم من الدعم الدولي والاقليمي الغير المسبوق الذي يحظى به هادي الرئيس  الجنوبي والمؤقت و التوافقي , لم يُسمح له بممارسة صلاحياته الكاملة لتصحيح ولو لبعض اخطاء الماضي التي من الممكن معالجتها على نحو من السرعه, الامر الذي كان بمثابة فشل اختبار لنوايا نخب الشمال لطي صفحة الماضي المليئه بالاقصاء والتشكيك والتعامل الدوني للجنوبيين. اليوم وفي الوقت الذي يطالب الحراك بستعادة دولته في الجنوب وبكل وضوح من على طاولة الحوار في قلب صنعاء, لانرى حلولا من القوى الحاكمه في الشمال لمعضلة الجنوب ولانرى رؤيه صريحه تتحدث عن مضمون الدوله القادمه. نسمع كلاما مطاطا عن الامركزيه لايرتقي إلى حساسية المرحله الراهنه.  الكل في الشمال يهرب إلى الحوار بدون اي اجنده واضحه المعالم وهو بمثابة تخطيط  للفشل دون ادنى  شك والذي نتمنى ان لايكون مقصود.

 

اعترفت حكومة الثورة مؤخرا بتجنيد اكثر من 50000 الف جندي من "المحافظات الشماليه" ونحن في حال اقتصاديه مزريه ولايمكن ان يكون بأي حال بادره للدولة المدنيه الحديثة التي طالما تغنى بها الثوار اثناء ثورتهم. هكذا إجراء يجعل المواطن الجنوبي يتسائل لمن يُجند هؤولاء! ونحن قد انتصرنا على القاعده كما تتحدث تقارير حكومة الثورة, ونحن في افضل حالاتنا مع جارتنا السعوديه ودول المنطقه والعالم اجمع, بل ولانبالغ إذا قلنا ان اليمن باتت اليوم تحت الوصايه الدوليه. تجنيد هذا الكم في هذا الوقت وبهذا الشكل المناطقي لايدل إلا على ان القوى المتنفذه في الشمال استفذت كل مالديها من حلول واجتمعت على بقاء الحال على ماهو عليه بقوة العسكر وهو الخيار الذي اثبت فشلا ذريعا  منذ بداية ظهور الحراك الجنوبي في 2007. في العام 1994 كانت المعركه بين جيشيين ، فهل سيقاتل الشمال اليوم شعب اعزل؟ بالعكس هكذا حل سيُرسخ نظرة المحتل الشمالي للجنوب  ويزيد السخط على الوحدة  وسيكون الانفصال عاجلا ام اجلا بطلب وضغط "شعبي" شمالي قبل ان يكون جنوبي ،لأن كلفة عدم الاستقرار باهضه جدا والتي سيكون ضحيتها المواطن المسكين في الشمال فهم يعلمون يقينا ان خيرات الجنوب لايصل لهم منها إلا الفتات ومعظمها تصب في  جيوب القوة المتنفذه في صنعاء.

 

حتى لو فرضا جدلا  ان مستقبلا ورديا  ينتظر اليمن بعد الثورة وصدقنا التقارير الامريكيه الاخيره و”المُباغته” بأن اليمن "الشمالي" يقع على بحيرات من النفط وجبال من الذهب والتي لانعلم الغرض منها اهو تشجيع للجنوبيين للبقاء في الوحدة ام مواساة للشمال في حال تقرر إنفصال الجنوب!. في كل الحالات لن يغير الثراء شيئ في المعادله, والنتيجه المتوقعه عندها هو تضخم جيوب المتنفذين لاغير. ولنستوعب الدرس من العراق صاحبة اكبر مخزون نفطي في العالم فماذا تغير هناك منذ الغزو الامريكي للعراق في العام 2003. لاشيئ بالعكس مخاوف تقسيم العراق اصبحت اليوم رغبات قابلة للتطبيق بل وبدعم نفس القوى الراعيه للمبادرة الخليجيه في اليمن, والداعمه اليوم لوحدة اراضية!على الشمال المضي نحو الفدراليه او حتى كونفدراليه كامله, و ليس بطريقة التذاكي التي يحاول البعض طرحها بالاقاليم المختلطه بين الشمال والجنوب, او بالاحتفاظ بالسلطات السياديه في الشمال. او بطريقة تفريخ نخب سياسيه جنوبيه مطيعه, او زرع الفتنه بين ابناء الجنوب وتقسيم المقسم. هذا الخلط للاوراق مكشوف و لايصب في صالح احد ونفضل ان تنقسم اليمن إلى اكثر من دوله مع بقاءنا شعب واحد على ان نكون شعوب متناحره  حبيسة شريط حدودي  واحد.

 

من الطبيعي ان تخاف القوى الحاكمه في صنعاء من حكم ذاتي يُمكن كل اقليم ان يحكم نفسه بشكل حقيقي الامر الذي يراه الكثيرين تمهيدا للإنفصال وهذا امر جائز, لكننا يجب ان لا نتغافل عن الايجابيات التي ستتطرأ عندما يحكم الجنوبيين انفسهم بشكل حقيقي. عندها فقط سيستفيد الشمال قبل الجنوب ، فالمنظومه المتنفذه في الشمال ستفقد الحبل السري المُغذي لها وبهذا ستخور قواها وهيمنتها على ابناء الشمال انفسهم التواقيين للإستقرار والتنميه في مناطقهم. اما في الجانب المقابل سيعرف الجنوبيين الصعوبات الاقتصاديه الحاليه وحقيقة الموارد التي يمتلكوها, ولن تستطيع النخب الجنوبيه تلبيس اي عجز بثوب شمالي. وسنرى المتصارعون اليوم على تحرير الجنو ب يتصارعون غدا على حكم اقاليمهم وهذه ظاهره صحيه مادام وانهم مُنتخبين من ابناء تلك المناطق, و بشريطه ان لايكونوا مزودين باخاصية استقبال موجات التحكم الكهرواحمرية القادمه من ربى صنعاء. فلايمكن ترسيخ مفهوم الاحتلال الشمالي للجنوب في ظل دوله اتحاديه, فالجنوبيين رغم صدق قضيتهم وحجم معاناتهم الكبير يعلمون يقينا انهم ليسوا في صراع مع اسرائيل او شمال السودان. هم اخوه متشابهون في العادات والمذهب  فا عدد شوافع الشمال يفوق عدد شعب الجنوب كله.

 

لا تملك القوى المتنفذه والحاكمه في الشمال اي خيارات كثيره سوى خيارين اما التمسك بكذبه الوحده والحكم المحلي واسع الصلاحيات ذات ال 21 اقليم والذي يعني المجازفه بوحدة الارض والانسان او خيار الدوله الاتحاديه من اقليمين كمرحله اختبار جديده. ان قبول العلاج المؤلم افضل بكثير من البتر وكما يقول المثل الحضرمي الشهير "إذا كان في التجارة خسارة فاترك التجارة تجارة". هل سوف يستوعب تجار ونُخب صنعاء هذا المثل  وخاصه المشبعون منهم إلى حد التخمه من حليب البقرة الجنوبيه.

د. شادي صالح علي باصُرة

[email protected]

كلية الحاسوب, جامعة صنعاء