محافظةُ تعز، أكبر المحافظات اليمنية من حيث تعداد السكان، وفيها مدينة تعز، المركز الإداري والثقافي للمحافظة الواقعة على سفح جبل "صبر". عُرفت تعز طوال تاريخها بكونها ملتقى للأدباء والمثقفين، وفي عام 2013, اُختيرت المدينة عاصمةً ثقافية لليمن، وعاصمةً لإقليم الجند, أحد أقاليم مشروع الدولة الاتحادية الستة. في ستينيات وسبعينيات القرن المنصرم، كانت تعز مصدر الثورة الاشتراكية والشيوعية في جنوب ووسط اليمن، وحمل أبناء تعز مشاعل الفكر الشيوعي والاشتراكي لأعوامٍ لاحقةٍ، حتى مستهل ثمانينيات القرن العشرين، وهي الفترة التي بدأت فيها تيارات الإسلام السياسي المتشددة - الإخوان المسلمون بدرجة أساسية- دخول تعز، ونشر أفكارها في أوساط المجتمع التعزي، الذي عُرف بوسطيته واعتداله.
وتعزز حضور هذه الجماعات في تعز بشكل خاص واليمن بشكل عام بعد حرب 7 يوليو/تموز 1994، التي تم فيها اجتياح عدن الجنوبية باستخدام مقاتلين جهاديين عائدين من أفغانستان، أو ما عُرف باسم " الأفغان العرب"، وهؤلاء جلبهم التجمع اليمني للإصلاح- وكيل الإخوان المسلمين في اليمن- ومولهم، وكانت تعز إحدى أكبر وأوسع بؤرهم في البلاد.
في 18 من شباط/فبراير 2015, بدأ الهجوم الذي نفذته جماعة أنصار الله الحوثية متحالفة مع قوى المؤتمر على تعز، وفي 22 أذار/مارس من العام نفسه، تمكن الحوثيون من السيطرة على معظم أجزاء المحافظة – رغم المقاومة العنيفة لأهالي تعز. لأعوامٍ تلت، تقاسمت جماعة الإخوان المسلمين-متدثرة برداء الحكومة الشرعية- مع الحوثيون وحلفائهم تعز. وتمكنت جماعة الإخوان المسلمين يقودهم القيادي في جماعة الإخوان المسلمين عبده فرحان المعروف باسم (سالم) من تحييد كثير من خصومهم وأعداءهم وتصفيتهم، عبر أساليب كثيرةٍ ومتنوعة، كالاغتيالات بالرصاص، والعبوات الناسفة، والانتحاريين، والانغماسيين.
التغلغل في المؤسسة العسكرية
كغيرها من المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية اليمنية، سيطر الإخوان المسلمين عسكرياً وأمنياً على تعز تحت رداءِ هذه الحكومة. تتحكم الجماعة بكافة التشكيلات والوحدات العسكرية التابعة لهذه الحكومة في المحافظة ومنها اللواء 35 مدرع، والذي اسقطته الجماعة- مؤخراً- بعد أشهر على اغتيال قائده، العميد عدنان الحمادي. وإضافة للواء 35 مدرع، تتحكم الجماعة بعدة ألوية وتشكيلات عسكرية حكومية أخرى[1]، ومنها:
- لواء "الصعاليك"، وهو لواء تابع للحكومة الشرعية يقوده "عزام عبده فرحان"، نجل قائد تعز الفعلي التابع للإخوان المسلمين "عبده فرحان" المعروف باسم "سالم". وإلى جانب عزام، يقود لواء الصعاليك إخوانيون آخرون أمثال سعد القميري، ماجد مهيوب. دُمج اللواء لاحقاً في قيادة محور تعز، بتوجيهات من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي, ونائبه علي محسن صالح الأحمر, المتواجدان في الرياض.
- لواء الطلاب، وهو لواء شكلته جماعة الإخوان المسلمين ويتألف في معظمه من الشباب والطلاب المنتسبين للإخوان في تعز، دُمج اللواء لاحقاً أيضاً في اللواء 17 مشاة، أحد ألوية محور تعز.
- لواء العاصفة، لواء أوكلت الجماعة قيادته إلى وهيب الهوري، وينتمي معظم أفراد هذا اللواء إلى منطقة مخلاف، المنطقة التي ينتمي لها القيادي الإخواني في تركيا، الشيخ حمود سعيد المخلافي. تم دمج اللواء أيضاً بقرار من الرئيس هادي في اللواء 22 ميكا، أحد ألوية محور تعز.
- لواء الحمزة، وهو لواءٌ يقوده حمزة حمود سعيد المخلافي، البالغ من العمر 28 عاماً والذي تم منحه رتبة "عقيد" في العام 2018. دُمج هذا اللواء في اللواء 170 دفاع جوي، وهو اللواء الذي يشغر فيه حمزة حمود المخلاف، الأركان العامة.
- كتائب حسم، وهي كتائبٌ أنشأها حزب الإصلاح التابع للإخوان المسلمين، وأوكل قيادتها إلى عدنان زريق وعمار الجندبي، القياديان في جماعة الإخوان المسلمين. وتشير تقاريرُ أمنية إلى إنًّ ما بين 200 - 300 جندي في هذه الكتائب قدموا من محافظات جنوبية مجاورة، معظم هولاء في قوائم المطلوبين لأمن عدن بقضايا تتعلق الإرهاب. تم دمج كتائب حسم، إلى جانب لواء الصعاليك، بقيادة محور تعز، بشكل مباشر.
اللواء 35 مدرع.. استكمال السيطرة
في 2 كانون الاول/ديسمبر 2019، قُتل قائد اللواء 35 مدرع في تعز، العميد عدنان الحمادي، وتمت الجريمة في ظروف غامضة إلا أن أصابع الاتهام اتجهت مباشرة نحو قيادات إخوانية في محور تعز، وهم الذين كان لديهم خلافٌ كبيرُ مع العميد الحمادي، وصل في بعض الأحيان إلى الاشتباكات المسلحة.
بعد ساعات من عملية اغتيال الحمادي، ألقت القوات الأمنية في تعز القبض على أربعة متهمين في الاغتيال، وهم: القيادي في حزب الإصلاح الإخواني مصطفى عبد القادر، وجلال الحمادي شقيق الشهيد، إضافة إلى أثنين آخرين هما : محمد حمود والحارس الشخصي للشهيد الحمادي. وفي 17 كانون الاول/ ديسمبر الأول 2019، أي بعد نصف شهر فقط من اغتيال الحمادي، اطلقت قوات الحشد الشعبي في تعز التابعة للإخوان سراح هولاء المتهمين قبل البت في قضيتهم، واستكمال التحقيقات معهم[2].
في 28 من شهر كانون الاول/ديسمبر الذي اُغتيل فيه الحمادي، وجهَت اللجنةُ الرئاسية، المكلفة بالتحقيقِ في قضية مقتل الحمادي، بمنع 3 من القيادات العسكرية والأمنية المنتمية لحزب الإصلاح الإخواني من السفر إلى خارج الأراضي اليمنية. ومنعت اللجنة كلاً من: عبده فرحان سالم، خالد قاسم فاضل، وضياء الحق الأهدل وشهرته (منير السامعي) من السفر خارج البلاد. قرار اللجنة جاء بعد تواتر ذكر اسماء هولاء عند الاستماع لشهادات الشهود في قضية اغتيال الحمادي.
وفي شباط/فبراير من 2020، أصدرت المحكمة الجزائية في عدن مذكرة استدعاء بحق صحافيين متهمين بالتضليل في قضية اغتيال العميد الحمادي، وشملت القائمة عدة صحافيين يتبعون جماعة الإخوان المسلمين. وقد شنت نقابة الصحافيين في تعز والممولة من الإصلاح، هجوماً على محكمة عدن الجزائية بسبب المذكرة التي اصدرتها، قاد هذا الهجوم عناصر الإخوان في النقابة ومنهم