الحروب ذنوب

2021-04-26 04:26

 

ساورد أمثله عن  أهمية - المسارات الدبلوماسية-  التي انتهجتها دول كثيرة لتتجنب الحروب . ومنها ان اليابان وعلى ضيق مساحاتها وتعاظم سكانها فقد فقدت جزر مهمة احتلها بالقوة الإتحاد السوفيتي ولم تقبل بعودتها الى اليابان حتى اليوم  .

 

انام هذا الأمر الصعب  قررت اليابان ان تنهج- المسارات الدبلوماسية-  فالحروب دمار وأنتحار  . فلم تحاول ان تستعيد جزرها المحتلة ( الكورال ) بالقوة من روسيا التي ضمتها الى خريطتها واعتبرتها من جزرها واقامت عليها قاعدة عسكرية على تماس مع ارض اليابان .

 

لكن اليابان ورغم اصرارها على استعادة تلك الجزر التي يطلق عليها - جزر الكورال - فلقد تجنبت الحروب . فسلمت من كوارثها والتفتت الى العمل والتنمية ولو كانت انشغلت بهذه الجزر في حروب استنزافية لكانت اليابان عاجزة عن تحقق هذا المجد التنموي  .

 

المسارات الدبلوماسية لو كانت نهجنا لما فقدنا ٧٥٪؜ من ارض فلسطين . ولما خضنا حرب مخيفة وفاجعية مع ايران بسبب - شط العرب- بل ولما ضاعت وانفصلت عنا ربع  ارض السودان وكلها كنوز من المعادن والغابات الممطرة.

 

ومن الملهمات في تجنب الحرب واتخاذ المسارات الدبلوماسية وسيلة لحل الخلافات هي تراجع الصين الشعبية القوية عن تحرير واعادة جزيرتها - فرموزا - او تايوان .فانتهجت المسارات الدبلوماسية ، ولن تحيد عن هذا النهج ابدا ً .

 

بينما فات دول شرق اوسطية وعربية وافريقية ان تستلهم هذه المسارات ، فكلفتها  الحروب سنوات من حياتها  وتقدمها ودمار ونزوح لسكانها .

 

اوجه اللوم  كل اللوم لمن اتخذوا الحروب وسيلة لهم لحل مشاكلهم . فكل من انتصر في الحرب ، فلو قارن بين ذلك الانتصار مع الفواجع والمؤلمات والخسارة في الأرواح ونزيف الدماء والدموع لادرك ان السلام هو النصر الاعظم وان الحروب هي الذنوب .

 

ماذا كسب المتحاربون في اليمن  ٦ سنوات زلزلتْ واحرقتْ واوجعتْ واهانتْ وشردتْ ومزقتْ .حتى لو صنعنا النصر بهذه الكلفة الباهضة فنحن قد تسببنا في كارثة ساحقة ماحقة ولن يشفى منها الوطن حتى بعد سنوات طويلة .لا يوجد منتصر في الحروب لان النصر في الحروب والمعارك يعني فشل العقل وضياع الحكمة .

 

دعوني قبل ان اختتم مقالي اضعكم مع قصة  وهي  ان عالم كيمياء - فرنسي-  كان في حانة فتلاسن مع شخص من رواد الحانة ، فما كان منه الا ان تحدا ذلك - الزعران -عالم الكيمياء  في مبارزة اطلاق النار من مسافة قريبة .

 

 ووافقا الاثنان على ان تكون المبارزة في اليوم التالي حتى يتدرب عالم الكيمياء على استخدام المسدس  بل ويشتري له مسدسا فهو رجل علم وليس من المحاربين .

 

حضرت الناس صباحا لمشاهدة المبارزة ، واذا بالعالم يحضر للمبارزة بدون سلاح ! وبصحن وضع  فيه قطعتين من الجاتوه . توجه - العالم -الى خصمه وقال له واحد منا سيموت فوجدت  الطريق الاسهل للموت وهي بالسم .

 

وضعت في واحدة سما ! فلك ان توزع القطعتين بيننا ،وكل منا ياكل قطعته !   واذا رفضت تناولها اطلق النار علي . بعد تردد اقتنع  - خصمه - فاخذ الجاتوه وبينما كان يحاول التهامها صاح به العالم لقد قتلتك لا تأكلها فالتي اخترتها  هي  السامة . بهذه الطريقة الذكية كان التحدي وتكشفت لنا فروسية ذلك العالم الفرنسي وحذقة وإنسانيته ومقته للقتل .

 

لا نستعجل الحروب  فهي - قتل- فمهمها حققنا بها من مكاسب وفخر وسطوة فالحروب مهينة لاخلاق البشر وانسانيتهم  ووعيهم .

 

فاروق المفلحي