الوحدة تعني النهضة ، تعني التنمية ، تعنى التطور
هذا هو المعنى الحقيقى للوحدة وليس كما حدث بين دولتي اليمن 1990 تتوحد مع شعب شمالي متخلف يمضغ مخدر القات ، لا تجد المسؤول ولا الفراش على مكاتبهم بعد الساعة 12 ظهرا كلهم في سوق القات ،
وهات بعدها من أحاديث خيالية لا وجود لها إلا في العالم الإفتراضي ، أو أمنيات غير موجودة إلا في جزر الواق واق
أتحدث عن واقع حضرته شخصيا مع الشماليين والجنوبيين
حتى أبناء الجنوب المتواجدين في الشمال بعد أحداث 1986 لم يكونوا متأقلمين مع الحياة في الشمال فقد كانت بالنسبة لهم حياة إجتماعية متخلفة للغاية عما عهدوه في الجنوب
وحينما كتبنا عن الوحدة في 1985 كانت وجهة نظر المسؤولين في الشمال حينما نتحدث عن القبيلة أنها أصل وليست فرع في مشروع الوحدة ، هذا كلام غير واقعي وغير صحيح حيث من المفروض أن يذوب المجتمع القبلي في ظل الدولة بمعنى يصبح جزء من الدولة حينما يصل التعليم والخدمات إلى مختلف أرياف اليمن ولكن هذا لم يحدث في الشمال منذ ثورة سبتمبر 1962 وحتى يومنا هذا
ونعود للحديث عن الوحدة فإذا كانت الوحدة تعني التطور والنهضة والتقدم كما حدث بين المانيا الشرقية والغربية عام 1990
ما الذى أدى إلى وحدة إندماجية تذوب بموجبها دولتي الشمال والجنوب في كيان واحد
في الحقيقة هناك عوامل كثيرة أدت إلى وحدة مايو 1990 منها إنهيار الإتحاد السوفيتي والمنظومة الإشتراكية من جهة ، وكذلك الأوضاع الإقتصادية التى أنهلكت كلا النظامين والتي كادت أن تؤدي للإنهيار والإنقلابات العسكرية والسياسية ذلك المسلسل المستمر منذ ولادة الجمهوريتين في 1962 و1967
فكان الهروب للأمام بتحقيق الوحدة للحيلولة دون الإنقلابات الدموية
وإذا كانت الوحدة في الواقع هكذا للمطلع والمتعمق في الشأن اليمني وأوضاع الدولتين عام 1990
إلا أن هناك صراع خفي في واقع الأمر وهي نظرة كل قادة الشمال منذ 1962 أن الجنوب جزء من الشمال ولا بد من عودة الفرع للأصل
ومنذ إستقلال الجنوب 1967 والشمال لم يفتي يطالب بعودة الجنوب للشمال
وما الحروب التي شهدتها دولتي اليمن في 1972 و 1979 إلا محاولات يائسة لفرض عودة الجنوب للشمال ولكنها شهدت هزيمة الدولة الشمالية في كلا الحربين
وللدلالة على أن الحروب بهدف الوحدة لم تلد إتفاقيات الوحدة إلا في أكتوبر 1972 بعد الصراع المسلح بين الدولتين ،
ولم يولد المجلس اليمني الأعلى إلا في 1981 بعد إتفاق الكويت في 1979 الذي جاء بعد حرب فبراير ومارس بين دولتي اليمن
وللعودة لوحدة 1990 التي لم تكن متكافئة وشعر الطرف الجنوبي أنه المستهدف من خلالها وأن هناك عصابة تمثلها جماعة آل الأحمر هدفها ثروات الجنوب وخيراته وبدأ مسلسل تصفيات القادة الجنوبيين ووصلت الأمور إلا حافة الإنهيار فكان إجماع القيادات الشمالية على الحرب التي أعلنها صالح من ميدان السبعين في 27 إبريل 1994
وإذا فات على القيادات الجنوبية أن مشروع الوحدة مع الشمال هو مشروع غدر وخيانة
إلا أنه ما كان لها أن توافق بتوجيه جيش الجنوب للمعسكرات الشمالية ليباد على طريقة محمد علي مع المماليك عام 1811
أما إعلان الإنتصار في 7 يوليو 1994 فهو هزيمة للمشروع النهضوي العربي بكل معنى الكلمة حينما ترمى القيادة الشمالية بالقرارات العربية والدولية عرض الحائط ويشاهد العالم عبر المحطات الإعلامية عمليات السرقة والنهب وإستباحة حتى بيوت الجنوبيين بلا شك جريمة لا يغفرها التاريخ
تلتها قرارات المخلوع والمقبور صالح بترميج وإيقاف خدمات كل الجنوبيين من عسكريين ومدنيين
ليترجم للعالم أنه إحتلال شمالي للجنوب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى
ولكن الشعب الجنوب الذي قاوم الإستعمار البريطاني على مدى أربع سنوات أنتفض في يوم إحتلال أرضه يوم 7 يوليو بثورة سلمية تلتها ثورة عسكرية بعد إجتياح لصوص الشمال أرضه 2015 وهي ثورة حتى النصر
أنتهى المقبور صالح وأندفنت أسراره معه وبقى شعب الجنوب يقاوم مخلفات عصره من الإرهابيين الحوثيين وحزب الإصلاح
وقريبا بإذن الله تعالى نحتفل بعودة الدولة الجنوبية .
د. خالد القاسمي