ما جري في اليمن منذ2011 وحتى 2014 يعد مخالفا لما حدث في ربيع العرب في تونس ومصر وليبيا وسوريا رغم التزامن في التوقيت فما جرى في اليمن لم يكن ثورة شعبية قامت ضد الظلم والفساد والفقر المتحكمين في اليمن منذ ثلاثة عقود..
فالشعب في العربية اليمنية غير معتاد على صنع (ثورة) وانما يعد مستقبلا لتصديرها اليه كما حدث في انقلاب 1948 وكما حدث في انقلاب 1962 وتحويل المملكة إلى مسمى (جمهورية كأول بلد في الجزيرة) بتدخل الجيش المصري الذي أفزع دول الجوار شمالا السعودية وجنوبا اتحاد الجنوب العربي وبريطانيا فالشعب الذي يسميه زعماء الاقطاعيات القبلية والطائفية (بالرعوي) ليس صانعا لثورة ضد الظلم والفساد والفقر.
فما حدث في تلك الفترة مجرد تثوير ومحاكاة لماحدث في بعض دول العرب واطاح فعلا بالأنظمة والحكام فيها فما حدث في اليمن لايتجاوز (حركة ) ذات طابع تراجيدي حيث انقسم نظام الحكم المتخلف شكليا إلى فريقين كل منهما حريص على الاخر أشد مايكون الحرص وتم إقناع عفاش طوعيا لتسليم الحكم شكليا (لنصفه الآخر) الذي منح عفاش ومعاونيه (النصف الآخر) الحصانة وتم ترفيعه إلى رتبة الزعيم.
ان انقسام الرعويين إلى فريقين كان بالدفع والرشوة حيث كان كل فريق يدفع لمن يحضر فعالياته قبيل وقت الغداء وشراء القات خمسة الف ريال للقات إضافة إلى تناول وجبة دسمة من لحوم الأبقار التي كانت المؤسسة الاقتصادية تستوردها للسوق والشيء المجهول هو ماحدث من تفجير في جامع النهدين ؟! لكن اوضحت ردة الفعل الباردة أن ماحدث لم يكن من صنعهما وانما كما تداولت اخبار من صنع قوى دولية.. مع احتمال التسليم بذلك (مقارنة لاحقا بادعاء (قصف الحوثيين) ارامكو والرياض وينبع) وبعد أن تيقنوا أن اللعبة انطلت حركوا (دميتهم) في جروف مران للخروج والزحف إلى صنعاء في سبتمبر 2014 ثم أمروا جيوشهم المتعددة التسميات أن ترفع الصرخة لتكون حوثية وسلمت تلك الجيوش نفسها للحوثيين متحوثة في يناير 2015 وغزت الجنوب بدعم ايراني وجاء تدخل عاصفة الحزم أثر ذلك في مارس من نفس العام ومازالت العاصفة تراوح مكانها في اليمن السياسي بينما حقق شعب الجنوب العربي ووحدات صغيرة من القوات الإماراتية النصر, لكن تم الانقلاب عليه وانتحرت العاصفة .. ومازالت اللعبة هي نفسها ومازال أطرافها هم أنفسهم..
وهاهي السودان تشكل جرحا غائرا وممرا قاتلا لتمرير من جهتها نفس مهمة الأطراف اليمنية في تنفيذ سياسة الشرق الأوسط الجديد والعرب لايبدو أنهم يستوعبون قواعد اللعبة (المؤامرة) تلك ويتعاملوا معها وكأنها مجرد افلام وتمثيل وهي كذلك فعلا ولكنها جزء من مؤامرة على المنطقة للوصول إلى خرائط الشرق الأوسط الجديد.
والان جاء تفجير الوضع في السودان وسد الكهرومائية في جنوب السودان مكملا لسد النهضة في اثيوبيا الممول من دول عربية منها اليمن كما كشفت زيارة وزير خارجيتها بن مبارك مؤخرا ..
أن الهدف من ذلك اشغال وانهاك ثم ضرب اكبر كيانين في الوطن العربي السعودية ومصر وتفجيرهما من الداخل للوصول إلى كيانات شرق أوسطية صغيرة قائمة على أسس طائفية وقبلية وربما عرقية وهكذا يمكن استيعاب شعار الأحزاب اليمنية الضالعة في لعبة الدولة العالمية العميقة والمعبد الشيطاني وشعارهم الكريه (الوحدة أو الموت) والعمل على الأرض عكسه تماما الموت لشعب الجنوب والمصالح الشخصية لأمراء الحروب وتجار الدين ورفاقهم عبدة الشيطان ولن يقبل شعب الجنوب العربي بأقل من سيادته وقيام دولة الجنوب العربي المتحدة.
الباحث علي محمد السليماني
25ابريل 2023