في موضوع نشر في صحيفة إصلاحية شهيرة يرأس تحريرها الصحفي الاصلاحي المتشدد "علي الجرادي" تحت عنوان "هل يعود الرئيس بـ«روشتة» علاج لليمن من المختبر الأمريكي؟" قالت الصحيفة أن المملكة العربية السعودية لا تستطيع التعامل مع حلفائها أو شركائها بأي صيغة أقل من الملكية التامة المضمونة أيضا في إشارة الى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي .
وقالت صحيفة الأهالي الاصلاحية الممولة من الشيخ حميد الأحمر, ان السعودية حاولت توجيه الثورة اليمنية وفق رغباتها بل كانت تريد إلغائها .
"شبوة برس" يعيد نشر الموضع لأهميته :
اعتادت المملكة العربية السعودية تملك الموالين لها في الدول الأخرى، ولم تعد قادرة على التعامل مع حلفاء أو شركاء أو أي صيغة أقل من ضمان ملكيتها التامة لهذه الأطراف، أنظمة وقوى وشخصيات سياسية.
على مستوى اليمن، لم يكن بيد الرئيس عبدربه منصور هادي ومختلف القوى الفاعلة فعل شيء بعيدا عن رغبة المملكة أو موافقتها على الأقل، والبداية من رضوخ الجميع للمبادرة الخليجية التي تبنتها المملكة رغم أن جميع الأطراف اليمنية كانت رافضة لها، وفي مقدمتهم "علي صالح" الذي وصفها قبل أن يرضخ لتوقيعها بأنها "مؤامرة انقلابية".
لم تتوقف المملكة عند حدود توجيه الثورة اليمنية وفق رغبتها بما يقلص من نتائجها وثمارها إلى أي مستوى، بل كأنها تريد إلغاءها بشكل كامل باستثناء موافقتها على خروج عائلة صالح من السلطة الذي نصت عليه في البند الأول من المبادرة.
ومؤخرا، أعلنت المملكة العربية السعودية تمديد المهلة لمعالجة أوضاع اليمنيين المغتربين فيها لثلاثة أشهر أخرى، وبررت التمديد بالزحام وكثرة الطلبات.
والواضح أن هذا الإجراء الذي يستهدف المغتربين اليمنيين في المملكة هو برمته إحدى أوراق الضغط السعودي على صناع القرار في اليمن لإخضاعهم لتوجهات معينة، خاصة فيما يتعلق بمؤتمر الحوار الوطني الذي يشارف على الانتهاء قريبا من وقت انتهاء تلك المهلة الممنوحة للمغتربين.
"روشتة" علاج المختبر الأمريكي
لا يمكن القول بوجود افتراق بين السياسة السعودية والسياسة الأمريكية في المنطقة، إلا أن السعودية تضيق على نفسها الخيارات ولا تقبل بغير ما رسمته، أو أقل مما حددته، فيما يمضي الأمريكان في عدة خيارات في وقت واحد.
وكما هو واضح في مصر أن الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب محمد مرسي لم يكن بعيدا عن مطبخ البيت الأبيض إلا أن الولايات المتحدة لا تزال تعبر عن قلقها من التداعيات اليومية هناك ممسكة العصا من الوسط، وذلك بخلاف المملكة التي تكاد تعلن من خلال إجراءاتها ومواقفها عن تبنيها للانقلاب من أساسه.
وكذلك الوضع في اليمن، فمن المؤكد –على سبيل المثال- أن الإفراج عن الصحفي عبدالإله حيدر الأسبوع الفائت كان بضوء أخضر أمريكي، إذ يستحيل أن يقوم الرئيس هادي باتخاذ هذا القرار قبل أيام قليلة من زيارته للولايات المتحدة ولقائه الرئيس أوباما.
ورغم ذلك، ما إن أطلق سراح حيدر حتى خرجت الإدارة الأمريكية تعبر عن قلقها من قرار الإفراج عنه، وكأنها لم تكن راضية عن القرار أو على علم مسبق به.
ومنذ سنوات قليلة بدأت تقارير وتحليلات تتحدث عن تباينات بين سياسة كل من الرياض وواشنطن حول الشأن اليمني.
وزيارة الرئيس هادي للولايات المتحدة في ظل فتور أو توتر في علاقة نظامه مع الرياض تعد الدليل الأوضح على هذا التباين بين الرياض وواشنطن فيما يتعلق بالشأن اليمني، وبداية لتحول الفتور بين علاقة الرياض وصنعاء من علاقة يشوبها الفتور إلى علاقة يشوبها التوتر.
ويزداد هذا الاحتمال بالنظر إلى زيارة الرئيس هادي لدولة قطر قبيل رحلته إلى الولايات المتحدة.
وتمثل زيارة الرئيس هادي للولايات المتحدة الحدث الأهم في منعطف التحول الذي تعيشه اليمن، ويطفو بذلك على سطح الذاكرة حدث استقبالها علي صالح في 89م عند اتخاذ شطري اليمن قرار الوحدة، وكان من نتائج تلك الزيارة أن رجع صالح يومها حاملا في جعبته "كاتالوج" تلك المرحلة التي استمرت حتى حان وقت زيارة تالية لاستلام "الكاتالوج" الآخر بعد خروج الحزب الاشتراكي من السلطة وفقدانه نفوذه وقوته في الدولة وضرورة الالتفات للإجهاز عليه مع الشروع في سياسة ضرب التجمع اليمني للإصلاح كخصم كان يحتل الرقم (2) في تلك الكاتالوجات.
وكانت زيارة الرئيس هادي للولايات المتحدة مع بداية الفترة الانتقالية، إلا أن التطورات الكبيرة التي حدث خلال هذه الفترة اقتضت زيارة جديدة، وهي هذه التي يقوم بها الرئيس هادي اليوم.
وبالنظر إلى هذه الزيارة، وقياسها على الزيارات السابقة لعلي صالح، فإن أبرز نتائجها ستكون العودة بكاتالوج المرحلة التي تعيشها اليمن اليوم.
أو يمكن القول إن الرئيس سيعود بـ"روشتة" علاج من المختبر الأمريكي، مجاراة لما نشر رسميا عن هذه الزيارة من أن الرئيس سيجري "بعض الفحوصات الطبية المعتادة في مدينة كليفلاند".
ومن المستبعد أن يقوم الرئيس هادي بزيارة الرياض على طريق العودة إلى الوطن لإطلاعها على "الكاتالوج" الأمريكي، أو القيام بذلك عقب العودة إلى صنعاء إلا إذا كان من نتائج هذه الزيارة شيء من دخول الولايات المتحدة على خط علاقة الرئيس بالمملكة، وإن كان هذا الاحتمال ضعيفا لأن قيام الرئيس هادي بزيارة واشنطن في الوقت الحالي أمر يثير حفيظة الرياض بحد ذاته.
إحراق جزئي لمشروع الثورة وإحراق تام لمشروع صالح
وعلى هامش النقطة السابقة يمكن الاستنتاج بأن قرار التمديد أو التجديد للرئيس هادي هو القرار الأقرب للحصول على الدعم الأمريكي.
وبقدر ما سيمثله هذا من انتكاسة لمشروع الثورة التغييري تجبره على الاستمرار بالتقدم البطيء جدا، فإنه سيمثل –في ذات الوقت- انتكاسة كاملة لمشروع علي صالح تمنعه من المضي قدما. وتأثير هذا القرار –فيما لو حدث- سيتعدى المشروعين إلى التأثير على أدوات الضغط السعودية، إذ أن قطع الطريق أمام أحلام صالح بالعودة من خلال تركه يتقادم به العهد خارج السلطة أمرٌ من شأنه إحراق واحدة من أهم أوراق المملكة التي تستخدمها حاليا ضد الرئيس هادي وقوى التغيير، وإن كان هذا القرار المرجح الآن (التمديد أو التجديد) هو نتيجة لسياسة كل من المملكة والولايات المتحدة والرئيس هادي خلال ما مضى من عمر الفترة الانتقالية.
سياسة المملكة العكسية في اليمن
قبل نحو شهرين، فرغت الخزينة اليمنية، وكان على المملكة أن تسد العجز إلا أن المملكة ظلت تطرح دون هذا مطالب وشروطا.
ومن هنا لجأت السلطات اليمنية لتسريب خبر عن اعتزامها مواجهة هذه الإشكالية المالية من خلال تعويض الخزينة بما يمكن أن تنتجه خطوة جديدة في برنامج الإصلاح المالي "جرعة جديدة".
وكان الخبر بمثابة رسالة إلى المملكة بأن اليمن عازمة على تنفيذ خطوة انتحارية، إذ أن كل قرار بتطبيق جرعة من تلك الجرع كان يهز النظام رغم إحكامه القبضة على البلاد، ما يعني أن قرار الجرعة حاليا سيهز النظام إلى حد إسقاطه في يد الحوثي المتحالف داخليا مع صالح، وخارجيا مع إيران، وهو الطرف الوحيد الذي سيستفيد من الأحداث التي كان يتوقع اندلاعها تعبيرا عن رفض الجرعة.
وبسوى هذه الحيلة اليمنية بدا نظام الرئيس هادي غير قادر على استخدام أي حيل لاستدرار دعم المملكة أو التخفيف من ضغوطها، إلى أن قام الرئيس مؤخرا بترتيب زيارة إلى قطر وأخرى إلى واشنطن.
وإذا تكفلت دولة قطر بالدعم المالي الذي كانت تقدمه المملكة وتتخذه أداة للنفوذ والتأثير على القرار -وهو ما يبدو أنه تم الاتفاق على شيء منه في زيارة الرئيس لقطر الأسبوع الفائت- وتكفلت الولايات المتحدة من جانبها بالدعم السياسي للرئيس هادي، فإن هذا سيأتي على حساب نفوذ المملكة في اليمن.
وعلى أن الأمر ليس بهذه البساطة، تبعا لكون أدوات المملكة ضاربة في أعماق الأراضي اليمنية، وأن المملكة لا تقتصر على دعم صنعاء ماليا وسياسيا، كما لا يمكن الافتراق الكلي بين الرياض وواشنطن في الشأن اليمني، والعربي عموما، إلا أن هذا سيكون بمثابة تقليص لحضور المملكة في اليمن لحساب آخرين، خصوما أو حلفاء. وهي نتيجة طبيعية لتشدد المملكة في أهدافها الرامية إلى مزيد من الاستحواذ والتملك للقرار اليمني بدلا من التعامل بشيء من المرونة ومحاولة استيعاب المستجدات في الساحة اليمنية وتطوير أدواتها تبعا لذلك.
* للاطلاع على الصحيفة : اضغط هنا