ألقى بايدن وهو يكاد يبكي خطابا منددا بهجوم “طوفان الأقصى” الذي تعرضت له إسرائيل. وبصراحة غير مسبوقة أسقطت قناع الحكومة الأمريكية، منح الرئيس الأمريكي شيكا على بياض لنتانياهو، كي يدمر منظمة حماس حتى ولو اضطر إلى تدمير قطاع غزة والضفة الغربية. هكذا بين السيد بايدن بأن بلاده راعية السلام، هي طرف مباشر في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، تحارب جنبا إلى جنب مع نتانياهو بالمال والعتاد. أما زعمها بأنها تقف على المسافة نفسها، بين الدولتين المتصارعتين من أجل تحقيق سلام يقوم على حل دولتين فلسطينية وإسرائيلية، فما هو سوى وهم تبيعه للعرب في انتظار طمس القضية الفلسطينية إلى الأبد
قرن الرئيس جون بايدن القول بالفعل، وأرسل البارجة حاملة الطائرات جيرالد فورد إلى شرق البحر الأبيض المتوسط قبالة قطاع غزة، مما أثار استغراب العديد من القادة السياسيين، أبرزهم الرئيس التركي رجب أردوغان الذي تساءل هل جاءت الولايات المتحدة بالبارجة لتقصف غزة !!؟؟
قد لا يكون وفود البارجة إلى منطقة الصراع هدفه الأساس ضرب غزة، بل التأهب لأي طارئ محتمل، وعدم الوقوع في الخطأ نفسه الذي وقعت فيه إسرائيل حين ظنت أنها في منأى عن أي هجوم. بايدن استفاد من الدرس، ويظن أن أطرافا أخرى وعلى رأسها إيران وحزب الله، مرشحة للتدخل في الحرب، إذا ما استمرت المواجهة بين حماس وإسرائيل طويلا
والآن ما الذي يمكن استنتاجه بعد مرور أسبوع على المواجهة غير المسبوقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. مواجهة ارتقت فيها الحكومة العبرية بأفعالها وانتهاكاتها إلى مستوى جرائم حرب
–: يمكن الاستنتاج ما يلي
1- تمكنت منظمة حماس من إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وعلى رغم مكابرة الولايات المتحدة الأمريكية، أصبحت العديد من الدول تؤكد على أن إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لن يتأتى إلا بحل الدولتين. فلسطينية وعبرية. وفي غياب هذا الحل سيستمر الصراع إلى الأبد .
2 - تمكن كوماندوس عز الدين القسام من هدم أسطورة جيش إسرائيل الذي لا يقهر، وبين أنه ليس بالقوة التي يظنها كثيرون، وأن اختراق الكيان العبري ليس مهمة مستحيلة .
3 - مازالت إسرائيل تصر على لعب دور الضحية، والإعلام الصهيوني في الولايات المتحدة وفي الغرب عموما يساندها ويروج لأطروحتها، لنيل تعاطف الغرب وتبرير جرائمها .
4 - محاولة “دعشنة” منظمة حماس كذبة مكشوفة، وتسويقها لا ينطلي إلا على من يريد مسايرة إسرائيل والولايات المتحدة إرضاء لهما .
5 - آن الأوان لسحب ملف قصية الصراع العربي الإسرائيلي من يد الولايات المتحدة، فهي كما أسلفنا بينت أنها طرف مباشر في الصراع، تقف في الخندق نفسه مع إسرائيل .
6 - من الممكن أن تدخل أطراف أخرى في المواجهة الحاصلة حاليا بين بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة والمقاومة الفلسطينية من جهة أخرى .
7 - إذا طال تدمير إسرائيل لغزة، ومحاصرة شعبها، ستنفجر شوارع البلدان العربية والإسلامية بملايين المحتجين، لنشهد ظروفا مماثلة لتلك التي عشناها خلال تدخل الجيوش الغربية بزعامة الولايات المتحدة في العراق سنة 2003
استنتاجات أخرى مرتبطة بإيران وروسيا وردة فعل بعض العرب جد واردة. سيبقى الوضع مفتوحا على كل الاحتمالات فالمواجهة نوعية وشديدة الأثر هذه المرة، ولن تزيد هذا العالم المأزوم أصلا سوى دمارا وخرابا، والضحية كالمعتاد هو المواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة .
د . علوي عمر بن فريد