للوحدويين.. صنعاء صارت كهنوتية

2024-05-22 21:24
كان الجنوبيون وحدويون بكل صدق وأمانة وأندفعوا إلى الوحدة بصورة متهورة وغير مدروسة بعيدا عن العقلانية والمنطق ، وقدموا للوحدة اليمنية دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ذات سيادة وشعب يحترم النظام والقانون ، وضحى الجنوبيين قربانا للوحدة المشؤومة بدولتهم وخيراتهم وثرواتهم ، وحتى بعملتهم وعاصمتهم من اليوم الأول للإعلان ، وحزموا حقائبهم بعيدا إلى عاصمة التآمر والخيانة والغدر صنعاء . بالمقابل لم يقدم الشماليون للوحدة المشؤومة أي تنازلات حقيقية تذكر حتى اللحظة ، وضاع جنوب اليمن وضيع شعبه بسبب شلة أو ثلة من المغامرين الحاقدين الجهلاء ممن تصدروا المشهد السياسي وسدة القرار في جنوب اليمن حينها ، واليوم هل يتكرر نفس سيناريوا 90 . الوهم الذي نشروه وتفننوا بتسويقه الشماليون وعلى رأسهم الرئيس الراحل عفاش ، هو أن الشمال غني والجنوب فقير ، ولهذا لا يحق لكم المشاركة بصناعة القرار ، وبالتالي أعطى لنفسه ولبني جلدته الحق المطلق بمصادرة القرارات المصيرية على مستوى اليمن شمالا وجنوبا . صحيح أن شركة هنت الأمريكية للتنقيب عن النفط قد نجحت في اكتشاف كميات لا بأس بها من نفط خام مأرب تحديدا ، وتم تشييد مصفاة ومحطة كهرباء غازية هناك ، إلا أنه بالمقابل هناك ثروات هائلة في حوض المسيلة النفطي بحضرموت المكتشف من قبل كندين نكسن الكندية وفي شبوة شركات أوروبية مختلفة وبكميات أقل . أستزفت مأرب ولم يتبقى سوى كميات متواضعة جدا جدا في أسعد الكامل لا تتجاوز 20 الف برميل يوميا من النفط الخام الخفيف ، بينما يزخر حوض المسيلة بملايين البراميل غير المكتشفة أو غير المصرح بمنتوج الآبار الحضرمية بصورة رسمية ، ناهيك عن حقول شبوة النفطية ، وكذلك الغاز الطبيعي في جنوب اليمن الذي لم يحظى باهتمام صناع القرار . بأسم الوحدة قميص يوسف سنشهد حرب شمالية جنوبية قادمة للاستحواذ على ثروات وخيرات ومقدرات الجنوب مرة أخرى ، أعتقد بل أجزم أن مهمة الشماليين ستكون هذه المرة صعبة للغاية ، إلا بحالة تفكيك جبهة الجنوبيين الداخلية ( جاري على قدم وساق حاليا ) ، وزرع حصان طروادة في جنوب اليمن لتسهيل مهمة الأعداء . خلافنا واختلافنا مع الرئيس الراحل عفاش في بدايته كان حقوقي وسياسي ، وتطورت وتعاضمت الأزمة حتى أفرزت حرب صيف 1994م ، التي أزاح فيها الشماليين الجنوبيين من المشهد السياسي والعسكري والدبلوماسي والأمني والإداري والمالي بعقر دارهم ، وباتوا غرباء في وطنهم . خلافنا مع الحوثي يختلف كليا عن خلافنا مع الرئيس الراحل عفاش ، هذه المرة الخلاف والاختلاف مصيري وجودي غير قابل للنقاش أو حتى مجرد الحوار ، لان مشروعهم سلالي طائفي جهوي إقصائي ، لا يؤمنون بالشراكة أو حتى بالمحاصصة الرمزية ، للاهثين أو الباحثين عن الوحدة في جنوب اليمن ، عليهم تحرير رمزهم الوحدوي صنعاء أولا .