حاملة طائرات أمريكية في البحر الأحمر
بعد انسحاب معظم الأسطول الأمريكي من البحر الأحمر
كدا يبقى عملية "حارس الحمار" الشهيرة بحارس الازدهار سابقا (فشلت رسميا)
*- شبوة برس – سامح عسكر (*)
انسحاب القطع البحرية الغربية هو اعتراف بصعوبة المهمة، وإن المعركة لم تكن مثلما يتصور الصهاينة بالخصوص والغرب بالعموم..
هقول لحضراتكم على بعض أسرار الفشل، وبرغم إني قلتها سابقا منذ شهور وتنبأت بفشل التحالف، لكن لا مانع من تكرارها بعبارات أخرى مع بعض الإضافات..
أولا: حاملات الطائرات تم تصميمها (للهجوم) مش (للدفاع) يعني تم بناء هذا النوع من القطع البحرية للهجوم على دول وشعوب ضعيفة لا يمكنها الدفاع عن نفسها بشكل جيد، أو لديها القدرة على الانتقام..
لاحظ أنها لا تستخدم ضد دول قوية..
في هذه العملية بالبحر الأحمر كان دور حاملات الطائرات والقطع البحرية المصاحبة لها (دفاعي بحت) وهذا أفقدها أكثرية قوتها التي صنعت لأجلها..
ثانيا: الجانب الهجومي لحاملات الطائرات والمتمثل في إقلاع بعض الطيران الجوي منها، تم استنزافه بهياكل أهداف وهمية، معظم بيانات الجيش الأمريكي دمرنا كذا، وضربنا كذا في اليمن.. كانت أهداف وهمية بالأساس..فاليمنيون لا يضعون سلاحهم فوق الأرض ليكون عرضة للنظر العادي من أقل جاسوس أو قمر صناعي أو كاميرات مسيرة..
واعلم أن مدن الأنفاق التي صممت في #غزة قبل 15 عام، صمم مثلها في لبنان واليمن، وحاليا سوريا والعراق، باعتبار هذه الدول عناصر مواجهة..
أي أن المخزون الصاروخي والاستراتيجي لليمنيين غير مرئي وغير معروف للولايات المتحدة، وقلت سابقا أن قدرة اختراق المخابرات الغربية لليمن أقل بكثير من نظيرتها في الدول الأخرى لعوامل كثيرة، أبرزها غموض اليمن شعبا وثقافة عن المعرفة والصحافة الدولية منذ عقود، والطبيعة القبلية العشائرية التي أوجدت مساحة كبيرة للأمن والتماسك الاجتماعي، وفرص أكبر للمناورة، هذا جعل من اليمن حصن مغلق ضد مخابرات الدول المعادية، خصوصا في الشمال..
ثالثا: أي معركة يلزمها قاعدة قوية صلبة لضمان أمن العناصر والآليات والقطع قبل كل شئ، وفي عملية حارس الحمار، القاعدة كانت (في البحر) وهي قاعدة ضعيفة جدا بها معدل خطورة عالي، ورصد واستهداف سهل، والحل الوحيد للجيش الأمريكي للقضاء على الحوثي، أو وقف استهداف السفن الإسرائيلية هو (غزو اليمن) أسوة بما حدث للعراق وأفغانستان، وهذا مستبعد تماما من العقيدة الوطنية والعسكرية الأمريكية التي تنظر حاليا لهذه التجارب بنوع من الأسى والشعور بالفشل، وليسوا على استعداد لتكرار التجربة..
رابعا: كل الأسطول الغربي في البحر الأحمر وباب المندب، هو يحارب في منطقة جغرافية غريبة عنه، والحاضنة الشعبية من كل الجهات لا تتعاطف معه، فلو أحصيت الدول من الشرق اليمن والسعودية والأردن، ومن الغرب الصومال وجيبوتي وأريتريا ومصر والسودان، كل هذه الدول (إما معادية لإسرائيل والولايات المتحدة، أو ترفض الوجود الأمريكي العسكري في المنطقة تحت أي مبرر، أو ترفض إدانة عمليات اليمنيين باعتبارها مشروعة ضد مجرم حرب يمارس إبادة جماعية ضد شعب شقيق)..
شرط أساسي لانتصار الجيوش إما قوة ساحقة وحاسمة، وإما حاضنة شعبية تساعده على البقاء والحماية، وفي حالة عملية حارس الحمار، لم يتحصلوا على الأمرين معا، فلا هم يملكون القوة الساحقة لإخضاع اليمنيين، ولا يملكون حواضن شعبية في هذا المكان الذي يشعر جميعه بالغضب مما يحدث في فلسطين..
خامسا : عدو الولايات المتحدة هذه المرة ليس ضعيفا، إنه يمتلك أهم سلاحين معاصرين لم يملكهم العراق وأفغانستان من قبل، وهما (التكنولوجيا، والحرب عن بعد) وكلا السلاحين يعني قدرة يمنية عالية على المناورة، واستهداف السفن الحربية للتحالف والتجارية لإسرائيل،
قوة البحر عند اليمن لم تتوفر عند جيش صدام أو الأفغان من قبل..
والمعركة بالأساس في البحر، يبقى بالمنطق حضرتك بتحارب الوَحش في بيته، ومن الذكاء حين مقارعة الأقوياء أن تأخذهم لأرضك أو لمكان محايد، فالقويّ مهما بلغ من القوة والبطش لكنه يضعف عندما يحارب في مكان يرفضه، أو منطقة جغرافية غريبة، وهذا يحصل مع الولايات المتحدة، حيث أن قوتها الرئيسية في حدودها الجغرافية المعزولة، إنها مكان آمن للغاية ضد الاستهداف، لكنها تصبح ضعيفة إذا اعتقدت بأن هذه القوة الدفاعية يمكنها أن تتحول لهجومية بنفس الدرجة ..
*- باحث مصري – سفير في منظمة الأمم المتحدة