أردوغان يقدم الشرع هدية لنتنياهو

2025-05-09 21:27
أردوغان يقدم الشرع هدية لنتنياهو
شبوه برس - خـاص - بيروت

 

*- شبوة برس - نبيه البرجي.

منذ البداية , هكذا فكّر رجب طيب اردوغان . أن يأتي بأحمد الشرع لكي يذهب سيراً على الأقدام الى أورشليم . للتو تفتح أمامه أبواب الجنة , دون الحاجة الى الصلاة بين الجماهير التي تهلل , عادة , لمن يمتطي أكتافها , ودون السجود أمام الله الذي جعل منه ذلك الاسلام الاله الوثني الذي يتقيأ الدم حتى من أذنيه .

 مثلما ذهب لواء الاسكندرون الى تركيا الشقيقة , ولا فارق بين قصبة وقصبة في  دار الاسلام , تذهب هضبة الجولان الى الشقيقة اسرائيل التي تحتاج , في سوريا . الى مثل ذلك الرجل الذي قلنا انه دفن القضية تحت الثلوج , والورود , الاسكندنافية , في أوسلو . حين التقى اسحق رابين في حديقة البيت الأبيض بدا يهودياً أكثر من اليهود . قال له رئيس الوزراء الاسرائيلي "I start to believe chairman Arafat that you are close to the Jewish" , أي "أعتقد أيها الرئيس عرفات أنك على وشك أن تصبح يهودياً" . أجاب للتو "جدي ابراهيم" . أي أن رئيس منظمة التحرير هو صاحب فكرة "ميثاق ابراهيم" لا الرئيس الأميركي دونالد ترامب .

  هكذا باستطاعة الفصائل (القبائل الآتية على الطريق الذي سلكه هولاكو منذ نحو 8 قرون)  أن تقضي على العلويين الذين قال فيهم مرشدها الشيخ ابن تيمية "من أصناف القرامطة الباطنية , وهم أكفر من اليهود والنصارى" . الآن , اشقاؤنا اليهود (ما المشكلة , ألم يقتل قايين شقيقه هابيل ؟) . كعاشق قديم لدمشق , ماذا أفعل بقول سعيد عقل فيها "خذني بعينيك واهرب ايها القمر / لم يبق في الليل الا الصوت مرتعشا" , وبقول محمود درويش "في دمشق ينام غزال الى جانب امرأة / في سرير الندى / فتخلع فستانها وتغطي به بردى" . الآن , أي حاخام يضاجع المدينة التي اختارها محيي الدين بن عربي لتكون طريقه الى الله؟

  نعلم كيف تدار سوريا الأن , ومن أين . هل يتصور اردوغان , حتى ولو قدم أحمد الشرع هدية الى بنيامين نتنياهو , أن يجلس على عرش السلطان ؟ هو من قال ان المشروع التوراتي الذي يعمل الائتلاف الحالي لتنفيذه , يلحظ اقتطاع أجزاء من تركيا . هذه هي اسرائيل الكبرى لا تركيا الكبرى التي دفنت الى الأبد . ولسوف نرى من يدفن الآخر اردوغان أم نتنياهو ؟

على كل , الاثنان يلعبان على الخشبة الأميركية . والاثنان يبذلان جهوداً خارقة , في الظل أو في الضوء , للحيلولة دون توصل  واشنطن وطهران الى اتفاق . لنتصور أن الجمهورية الاسلامية , بامكاناتها البشرية والطبيعية , دخلت في الاقتصاد العالمي , كما وعدها دونالد ترامب , أي دور لأنقرة  ولتل أبيب في هذه الحال ؟ 

  هكذا يتغير الشرق الأوسط وفق الرؤية الأميركية , لا وفق الرؤية العثمانية , أو السلجوقية , التي طالما سعى اليها اردوغان ولكن بين شقوق الجدران , ولا وفق الرؤية الاسرائيلية التي سعى اليها نتنياهو عبر ذلك الطريق الطويل من الجثث . اللحظة السريالية الآن . نائب الرئيس الأميركي ديفيد جيمس فانس قال ان المفاوضات تسير على ما يرام . معلوماتنا الموثوقة تؤكد أن ثمة قراراً ايرانياً رفيع المستوى بتوثيق العلاقات مع السعودية الى أبعد مدى , أي أننا سنكون أمام مشهد استراتيجي جديد , وواعد , على ضفتي الخليج .

 بالتأكيد , الأمير محمد بن سلمان , وان استضاف بود رجب طيب اردوغان , لن ينسى , قطعاً , كيف امسك بقميص جمال خاشقجي وراح يلوّح به في وجه الرئيس الأميركي لأنه , وهو الذي يراهن على استعادة لقب "خادم الحرمين الشريفين" , لا يستطيع أن يتحمل رجلاً , في قصر اليمامة , بتلك الكاريزما , وبتلك الرؤية . كما أن ولي العهد السعودي يدرك , بدقة , ما يجول في رؤوس أولئك الذئاب في اسرائيل . أيضاً أن يحل الحاخام , لا السلطان , محل خادم الحرمين الشريفين , وأن يطوف العرب حول الهيكل لا حول الكعبة .

  انه الشرق الأوسط . بكل تضاريسه التاريخية , والايديولوجية , وحتى اللاهوتية . حتى الساعة لم يتمكن أي من المؤرخين , أو من الفلاسفة , من فك ما اطلق عليه المستشرق الفرنسي غوستاف لوبون "لغز الأنبياء" , ولماذا نزلوا في هذه الأرض التي هبط آدم عليها أيضاً . هل هم , وكما رأى آرنولد توينبي "ورثة الأساطير" . محمد  أركون قال لنا "ما يجعلنا ندور داخل تلك الحلقة المقفلة ان الفراعنة "بُعِثوا" في أرض الكنانة , والفلاسفة "بُعِثواً" في بلاد الاغريق . لماذا في الشرق الأدنى بُعِثَ الأنبياء ؟ شيخ المستشرقين الألمان تيودور نولدكه , مؤلف "تاريخ القرآن" قال "ربما لأن المنطقة وسط الطريق بين الجنة وجهنم" . ولكن ألم تكن دوماً نسخة عن الجحيم ؟

 بالمناسبة , هي أيضاً أكثر منطقة في انتاج رجال الدين , هذه ظاهرة تثير التساؤل فعلاً . علماء في الغيب لمواجهة ذلك النوع من العلماء الذين غيروا وجه الأزمنة . التونسي عبد الوهاب المؤدب رأى أنهم غيروا حتى "مسار القضاء والقدر" .

  اذ نتمنى على أحمد الشرع الذي سمع من ايمانويل ماكرون كلاماً هاماً حول ما تعنيه سوريا في الشرق الأوسط , وكيف يكون دورها , أن يصغي الى صوت أبيه الطبيعي حسين الشرع لا الى صوت أبيه الاصطناعي رجب طيب اردوغان . 

 دونالد ترامب وعدنا بـ"الفردوس الأميركي" . غزة ريفييرا الشرق الأوسط . ماذا عن الآخرين ؟ لا يصيبكم الا ما أصاب الهنود الحمر ... !!