*- شبوة برس - د. علوي عمر بن فريد
بدأ تجريف هوية الجنوب العربي منذ عهود الأئمة وما قبلها وقد استغلوا أزمات طارئة بين القبائل الجنوبية وبعض سلاطين الجنوب العربي وشجعهم النظام الكهنوتي الإمامي اليمني في إثارة القلاقل خاصة في المناطق المحاذية لليمن بل وجهز الامام يحيى لغزو شبوة بالرجال والعتاد عام 1938م ثم أخرجت القوات الغازية من شبوة بالقوة.
وبعد سقوط الإمامة في اليمن ونشوب الحرب الأهلية بين الجمهوريين والملكيين ظهرت الى العلن حادثة قبائل ردفان والأمير شعفل حاكم الضالع عندما طالب رجال قبائل ردفان بتسليم السلاح الذي جلبوه معهم من اليمن ورفضوا وجرى اشتباك مسلح بينهم وبين جيش الجنوب العربي، استغلت الجبهة القومية بإيعاز من القوات المصرية في اليمن تلك الحادثة التي اسمتها ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م .
وكلنا يعرف كيف استغلت الجبهة القومية دعم المصريين لها ثم تواطأت الجبهة مع بريطانيا في السيطرة على الحكم منفردة وكلنا يعرف الكوارث والحروب التي أشعلتها الجبهة داخل الجنوب وخارجه كان آخرها حرب 13 يناير عام 1986م وتدمير دولة الجنوب ومؤسساتها حتى انقض عليها نظام صنعاء مع حلفاؤه من قطعان الإسلاميين العائدين من أفغانستان في غزو شامل عام 1994م وسحق دولة وشعب الجنوب العربي وسرحوا جيشه ونهبوا مؤسساته ولا زالوا ينهبون موارده وموانئه وجوعوا شعبه واذاقوه الويل والدمار!!
لم تتم الوحدة اليمنية التي أُعلنت في مايو 1990 بالاتفاق بل كانت نتاج مؤامرة محكمة، شاركت فيها أطراف محلية وإقليمية ودولية، تركت الجنوب العربي بلا غطاء سياسي أو سيادي.
لقد جرى التحضير لهذه الوحدة في ظروف مشبوهة، وفي مرحلة كان الجنوب العربي قد خرج لتوّه من تجربة مريرة مع ما يُسمى بالجبهة القومية، التي جاءت بالبندقية والدبابة وسُلمت لها دولة بكامل مؤسساتها بعد انسحاب بريطانيا، دون أدنى شروط تحفظ للجنوب استقلاله وكرامته. وما تبعها من تأسيس الحزب الاشتراكي اليمني الذي لم يغير اسم الحزب وحده، بل غير اسم البلد الى مسمى " جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية " اسوة بالجمهوريات الشيوعية سابقا.
الجنوب العربي قبل الانهيار: كيان سياسي مستقل ومتعدد
ولا ننسى أنه منذ خمسينيات القرن الماضي، كان الجنوب العربي يمضي بخطى متسارعة نحو بناء دولة اتحادية مستقرة تحت اسم اتحاد الجنوب العربي، تضم أكثر من 20 سلطنة ومشيخة وإمارة. وقد بدأت مؤسسات الدولة تتشكل: وزارات، جيش نظامي، عملة، نظام تعليمي عصري. لكن القوى الراديكالية من الجبهة القومية، التي كانت تتلقى دعماً من الخارج، وتعمل تحت راية الحركة القومية المدعومة من القاهرة، نجحت في ركوب الموجة واستثمارها لفرض مشروعها السياسي.
*- يتبع