*- شبوة برس - علي عبدالإله سلام
في الوقت الذي تتفاقم فيه أزمة تفشي الأوبئة في مدينة عدن، وتغرق الأحياء بمياه الصرف الصحي، ويئن الناس تحت وطأة المرض والهلع، تلتزم وزارة الصحة العامة والسكان ومكتبها في العاصمة المؤقتة صمتًا مريبًا، يكاد يكون تواطؤًا أكثر منه تقصيرًا.
أين بيانات التحذير؟ أين حملات التوعية والإرشاد؟ وأين فرق الرش والمكافحة التي كانت تُستدعى في حالات أقل خطرًا؟ ما نشهده اليوم هو تخاذل مؤسسي يرقى إلى مستوى الجريمة بحق سكان عدن، الذين يدفعون ثمنًا باهظًا من صحتهم وأرواحهم، وسط تجاهل رسمي لا يمكن تبريره بأي حال.
الأدهى أن هذه اللامبالاة لا تقتصر على الصمت، بل تمتد إلى مفارقة مؤلمة: بينما تنهار المنظومة الصحية في عدن، يسافر وزير الصحة لحضور مؤتمر دولي وكأن الوضع تحت السيطرة! هل باتت المؤتمرات أولى من المستشفيات؟ هل باتت صورة الوزير في المحافل أهم من مصير آلاف المواطنين؟
في أقل من عشر أيام حصدت الحُميات زهور من شبابنا، كانوا المثل الأعلى في كل شيء وعندما داهمهم المرض لم تكن الجهة المسؤولة واعية والإرتجال ببيان للمجتمع ما يجري بل ذهبت في أدراج الصمت!
إن الصحة، قبل أن تكون وظيفة أو ملفًا سياسيًا، هي مسؤولية إنسانية وأخلاقية. وغياب القيادة الصحية في وقت الكارثة لا يُعد تقصيرًا فحسب، بل هو خذلان متعمد لمن يفترض أنهم أولى بالرعاية والحماية.
المؤسف أن المشهد لا يقتصر على وزراء غائبين، بل يتفاقم بتعيينات مناطقية وشخصيات عديمة الكفاءة، جاءت لتصفي حسابات سياسية لا لتحمل مسؤولية صحة الناس. هؤلاء لا يستحقون منّا سوى "صورة بلا تحية"، فهم شركاء في كل روح تُزهق بفعل هذا الإهمال المتعمد.
وفي المقابل، يُمارس التضييق على المدنيين، بينما لا تُفرض قيود على مسؤولين أهملوا مدنهم وغادروها في أوج الأزمات. فأين هي العدالة؟
أهالي عدن لا يطلبون معجزة، بل يريدون فقط مسؤولين يعملون بضمير، ويضعون حياة الناس قبل الكراسي والصور والمكاسب السياسية.