الثأر القبلي.. نار تلتهم النسيج الاجتماعي

2025-06-30 20:08
الثأر القبلي.. نار تلتهم النسيج الاجتماعي

إ. سعيد ناصر مجلبع بن فريد العولقي

 

تعيش محافظة شبوة، إلى جانب عدد من المحافظات الجنوبية، واقعًا مؤلمًا يتمثل في تفشي ظاهرة الثأر القبلي، التي تحولت إلى آفة اجتماعية خطيرة تهدد أمن المجتمع وتفتك بنسيجه الداخلي، وتنشر الرعب والدمار في أوساط الأبرياء.

 

إن هذه الظاهرة ليست مجرد خلافات بين أفراد أو عشائر، بل هي سلسلة من الانتقامات الدموية التي تستمر لعقود، ويذهب ضحيتها الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ، وتغرس في النفوس الحقد والكراهية وتزرع الانقسام داخل القبيلة الواحدة، وأحيانًا داخل الأسرة ذاتها.

 

أسباب هذه الظاهرة عديدة ومتداخلة، من أبرزها:

 

_ضعف دور الدولة والأمن ،فعندما تغيب الدولة ويغيب القانون، تظهر شريعة الغاب، ويتحول السلاح إلى القاضي والحَكم، ويحل الرصاص محل المنطق.

 

_انعدام العدالة وغياب الردع القضائي ، حيث يشعر كثيرون أن العدالة غائبة، فيلجؤون إلى الانتقام بأيديهم بدلًا من انتظار حكم القانون.

 

_الجهل وضعف الوعي المجتمعي ،فثقافة التسامح والاحتكام للعقل تراجعت، وحل محلها منطق “خذ بثأرك ولو بعد حين”، الذي أصبح يُدرّس كأنّه من الثوابت .

 

_تدخلات خارجية ، هناك من يسعى لإبقاء الجنوب في حالة صراع دائم، فيغذي النزاعات القبلية ويشعل نار الفتن خدمة لأجندات خبيثة.

 

_نقص الوازع الديني وانتشار المخدرات لدى الشباب وكذلك عنجهية العقلية القبلية المقيتة . 

 

الحلول ليست مستحيلة، لكنها بحاجة إلى إرادة صادقة وجهد جماعي، وأهمها:

 

1. إعادة هيبة الدولة، وتفعيل القانون والعدالة الناجزة، فلا كرامة لمجتمع لا يحميه القانون، ولا سلم بدون عدل.

 

2. تعزيز الوعي من خلال المدارس، والخطباء، والإعلام، والمشايخ الصالحين، لإعلاء قيم التسامح والعفو.

 

3. قيام لجان مجتمعية تُصلح بين المتخاصمين، وتضمن عدم تجدد النزاع، وتشرك كافة الشرائح، خصوصًا العقلاء من أبناء القبائل.

 

4. التصالح والتسامح، وجعل العقل والمنطق فوق صوت السلاح، فكم من دماء أُزهقت بلا ذنب .

 

5. محاربة انتشار المخدرات بأنواعها والشبو .

 

6. العودة إلى كتاب الله وسنة نبيه والاحتكام إلى النظام والقانون .

 

7. نبذ النعرات والعنجهيات القبلية المقيتة .

 

أخيراً اناشدكم بالله العظيم التوقف عن استخدام السلاح على المنازل والتي يسكنها الأطفال والنساء والشيوخ ، واشدّد على عدم استخدام السلاح الثقيل .

 

وفي الختام، نذكّر بقول الله تعالى:

"وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ..."

 

(سورة الإسراء:33) 

 

حفظ الله شبوة والوطن من كل الفتن ماظهر منها ومابطن .