قضية الجنوب بين الرياض وأبوظبي: صراع المصالح والسياسات

2025-07-02 17:17

 

التعقيدات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة حالياً، كبيرة وخطيرة وهي نتاج تداخل المصالح مع السياسة، واختلاف الرؤى بين الدول الكبرى والإقليمية وبالأخص السعودية والإمارات (قادة التحالف)، وبما أن ملف الأزمة في يد التحالف فإن هذا الإختلاف وتقاطع المصالح للدول سيؤثر حتماً على قضية الجنوب. 

 

بالمقابل: هل يعي قادة الإنتقالي خطورة الواقع السياسي المعقد و تأثيرة على قضية الجنوب؟ وهل يملكون الإرادة السياسية والقرار السيادي للحفاظ على قضية شعب الجنوب ومنع المقايضة بها في الأسواق السياسية والتسويات المقبلة؟

أم ان قضية استعادة الجنوب ستكون ضمن مقايضات التسوية ؟ 

لابد من محاولة الإجابة على هذه الأسئلة ولو ان الإجابة عنها تمر عبر دهاليز السياسة الضيقة. 

 

- قادة المجلس الإنتقالي لديهم الوعي الكامل بخطورة المرحلة، لكنهم يحاولون قدر الإمكان التماهي مع سياسات التحالف فيما يخص الجنوب وتجنب الصدام معها قدر الإمكان. (وهذا التماهي لن يعفيهم من ردة فعل الشعب إذا وافقوا على اي صفقة تتجاوز ما فوضهم من أجله) !. 

- القرار السيادي اعتقد ان التحالف لن يسمح للانتقالي في هذه المرحلة بالتصرف وفق رؤاه السياسية ورغبة شعب الجنوب في استعادة استقلاله لأن التحالف نفسه مقيد بقيود دولية لاتخوله فعل ما يريد.. " وقد رأينا رد فعل التحالف عند اعلان الإدارة الذاتية ". 

.. المخاوف تزداد في ظل التعقيدات واختلاط الأوراق في المنطقة التي قد تجعل الجنوب جزء من صفقة مقايضة سياسية عالمية او إقليمية، وهذا سيكون له انعكاس سلبي على العلاقة مع دول التحالف. 

 

بين الرياض وأبوظبي:

لاشك ان دور المملكة العربية السعودية والإمارات محوري ومؤثر في تشكيل مستقبل الجنوب رغم تعقيدات المشهد على المستويين الإقليمي والدولي، لكن شعب الجنوب لازال يعول على تلك الدول في حل قضيته وتقرير مصيره، وان تكون له سند و عون أمام العالم وتعمل مع شركائها الدوليين في حل قضيته حل عادل يحفظ له كرامته ويعيد حقه في استعادة استقلاله وبناء دولته. 

 

- اتفاقات الرياض:

 شهدت الرياض في الأعوام السابقة لقاءات مهمة كانت قضية الجنوب حاضرة فيها ، وهي الرياض1 والرياض2 والتي تضمنت اتفاقات وتفاهمات لم نطلع عليها كاملة ولم تنفذ ماعدى " فخ " الشراكة مع (الشرعية) التي الزمت الإنتقالي ان يكون جزء من الفساد وتعذيب شعب الجنوب في خدماته وقوته اليومي . 

حالياً شيء ما يعتمل في الرياض بعد دعوة أطراف (الشرعية بما فيها الإنتقالي) للتفاهم. التسريبات تقول بأن هيكلة جديدة ستحصل في مجلس القيادة الرئاسي تمهيدا لبدء التسوية الشاملة .. والله أعلم !!. 

 

من تجاربنا السابقة مع اجتماعات الرياض وغيرها نعلم ان ما يسرب للإعلام ليس كل ما يناقش داخل الغرف المغلقة وما يعلن عنه غير ما يتفق عليه تحت الطاولة !.. قد يكون تغيير شامل او محدود او هيكلة أو (الرياض3 او4)! المهم ان شيئا ما سيحدث ستكشفه الأيام . 

 

- التحالف ومتطلبات المرحلة دولياً:

يشهد العالم محاولات متسارعة للتغيير الجذري وتمكين قوى امبريالية بوجوه (صهيونية ماسونية) من قيادة العالم، تشرف على هذا المخطط الصهيونية العالمية التي تعيش ازهى عصورها حالياً ووجدت في الرئيس الأمريكي (ترمب) رجل مرحلتها القوي لما يمتلكه من قلة حياء وبلطجة وعدم إحترام للبرتوكولات الرسمية ولا يحترم إلا من واجهه بقوة وكسر ناموسه ! وللأسف لم يجده .. حتى انه يقوم بمخالفة اسس نظام الحكم (الديمقراطي) في أمريكا الذي أوصله لكرسي الرئاسة . 

   

وبما أن التحالف العسكري (العربي) بقيادة السعودية جزء من النظام العالمي الذي يدير ملفات المنطقة وازماتها وخاصة الملف اليمني، ومن واجبه ان يرى مصلحة شعب الجنوب مثلما يرى مصلحته ويعمل على حل ملف الأزمة بحيث لا يتجاهل حق الجنوب في استعادة استقلاله.

 

- السياسة وتداخل المصالح:

موقع الجنوب الجغرافي جعله في أعلى قائمة الإهتمام الدولية فهو يتحكم في باب المندب (مدخل البحر الأحمر الجنوبي)، ويسيطر على ساحل البحر العربي.

هذه الأهمية فتحت شهية الدول للسيطرة عليه منذ ازمان قديمة.. وفي الحاضر ومع توسع مصالح العالم، فإن موقع الجنوب العربي اصبح ساحة تنافس "صامت إلى الآن" بين دول الإقليم المجاورة .. كل طرف يحاول ترتيب وضعه وترسيخ قدمه على ارض الجنوب لحماية مصالحه!! وكل هذه الزحمة على حساب مصلحة الجنوب وشعبه المظلوم.

 

السعودية تحاول فرض امر واقع في حضرموت والمهرة ! والإمارات متمسكة بقوة في كل من عدن وسقطرى !! هكذا هي السياسة عندما تتقاطع مع المصلحة كل طرف يتمسك بما يحمي مصلحته ولو كانت على حساب صاحب الأرض.

 

- أهمية الإستقلال السيادي وامتلاك القرار:

إن من أهم مقومات الفعل الثوري الوطني امتلاك القرار وسيادته والعمل وفق مصلحة الشعب، واتخاذ القرارات الصائبة في الأوقات والأماكن المناسبة لما يخدم القضية الوطنية لشعب الجنوب.

كما ان التبعية وانتظار الإملاءات والأوامر من الخارج التي بلا شك ستكون ضد مصلحة الوطن تعتبر خيانة لأمانة المسئولية وتجاوز لحق مقدس لشعب الجنوب (تقرير المصير) التواق للإنعتاق من ربقة التبعية المذلة.

على قيادة الإنتقالي إن أرادت وقوف الشعب وراءها ان تمتلك القرار السيادي الذي يخولها الدفاع عن قضية الجنوب وان تنبذ التبعية للخارج الذي يسعى وراء مصالحه تاركا شعب الجنوب فريسة للجوع والحرمان.

 

- قضية الجنوب لن تكون سلعة خاضعة للمقايضات السياسية وحماية مصالح الأجنبي على حساب مصلحة الشعب، كفى هذا الشعب ما عاناه خلال 20 عام من الاحتلال والتهميش الذي توج في عهد (التحالف العربي) الشقيق بالمجاعة والفاقة وانعدام الخدمات..

 

- لم تكن دول التحالف عاجزة عن انتشال وضع الجنوب وتحسين الحياة المعيشية فيه! بل انها تريد ان تراه هكذا جائعا فقيرا يهيم يوميا وراء لقمة عيش قد يجدها او لايجدها يسد بها جوع أسرته.

بالأمس حدثني احد الأصدقاء وقد وصل من احدى مدن الجنوب الكبرى ! بأن سكان احدى حارات تلك المدينة (او اغلب سكان حارتها) من شدة الفقر.. اتفقوا على حذف وجبة (الغداء!) من قاموسهم اليومي والاكتفاء بوجبتي الفطور والعشاء! على ان يؤخر الفطور الى العاشرة (حسب رغبة كل اسرة) ليحل محل الغداء... "والله ان هذا حدثني به شخص يوم أمس".

هل بعد هذا صبر؟

هل بعد هذا نفاق؟

هل بعد هذا تطبيل لزيد او عمرو؟

والأهم : هل بعد كل هذا سكوت؟؟؟؟؟.

لن يصمت بعد هذا الا فئتين :

- شخص تابع للخارج يستلم راتبه بالعملة الصعبة، يعيش بلا ضمير مثله مثل الحمار ينتظر صاحبه يرمي له حزمة قصب. 

- مسؤول فاسد تبع (الشرعية) يسرق مال الشعب ويعيش في الحرام ويأكل من الحرام ويلبس من الحرام وكله من راسه الى ساسه حرام × حرام. 

.. شعب يرضى بالذل انه لايستحق الحياة ..