نتنياهو يريد تحويل العالم العربي وتركيا وايران إلى مستوطنة أمريكية

2025-09-07 17:03
نتنياهو يريد تحويل العالم العربي وتركيا وايران إلى مستوطنة أمريكية
شبوه برس - خـاص - عــدن - بيروت

 

 تحت عنوان "لنكن جميعاً مجانين لبنان" للكاتب اللبناني "نبيه البرجي" قال أن البنتاغون الذي يستخدم نتنياهو لتحويل الشرق الأوسط بكامله إلى مستوطنة أميركية، وإلا لماذا ذلك الاحتضان للرجل الذي أعلن اعتزامه إقامة إسرائيل الكبرى، لا من النيل إلى الفرات، وإنما من باب المندب إلى ضفاف قزوين، ومن مضيق هرمز إلى مضيق الدردنيل، أي بإلحاق إيران، بهشاشتها الأيديولوجية وبانكفائها الجيوستراتيجي تبعاً لما يقولون، وتركيا التي من الواضح أنها في صدد إقامة "العالم التركي" الذي يضم أيضاً البلدان العربية، بهلهلة عروشها ومجتمعاتها".

 

استراتيجية دفاعية؟ كي لا نضيع في المصطلحات الضائعة، في زمن القوة المجنونة. ولقد رأينا كيف أن الرئيس دونالد ترامب بدّل تسمية "وزارة الدفاع" بـ "وزارة الحرب"، بعدما لاحظ أن شيئاً ما حدث في بكين. الخبراء العسكريون بدأوا يتحدثون عن ولادة حلف روسي ـ صيني ـ كوري شمالي (ربما يُغوي الهند لاحقاً) لفرض الحصار على أميركا، ومن الباسيفيك إلى المحيط المتجمد الشمالي، بعد حصارها الجهنمي للكرة الأرضية. مثلما يحكم المجانين "أميركا العظمى"، يحكم المجانين "إسرائيل العظمى"!

 

لا العالم سيبقى على حاله، ولا الشرق الأوسط سيبقى على حاله، ما دامت دول كثيرة، بما فيها المملكة العربية السعودية، وبما فيها تركيا، وصولاً إلى مصر، باتت تستشعر أن حكومة بنيامين نتنياهو، الباقية إلى ما شاء الله، وبالشارع الذي يسند رأسه أكثر فأكثر إلى التوراة، ماضية في سياساتها الإسبرطية، دون الالتفات ولو لهنية إلى الواقع. ثمة طريق واحد أمام القوة المجنونة: الارتطام بالتاريخ، الذي طالما تساءلنا ما إذا كان هو الذي يمتطي ظهر الشيطان أم كان الشيطان هو الذي يمتطي ظهره...

 

عالم متعدد الأقطاب. هكذا قالت قمة بكين، وهي تستعرض، بصورة أثارت ذهول البنتاغون الذي يتوجس من أن تتحول الصين في غضون 10 سنوات على الأكثر إلى المرتبة الأولى في مجال التكنولوجيا العسكرية، ولكن تحت شعار "القوة العاقلة". صحيفة "إسكرا" الروسية كتبت: "لا مكان لأدولف هتلر ولا لنابليون بونابرت في عصرنا، أي لا مكان لدونالد ترامب الذي عجز عن فهم روسيا، روسيا المقدسة".

 

هو الرئيس الذي ظن أن فلاديمير بوتين يلهث وراء الحل في أوكرانيا. الرئيس الروسي كان بحاجة إلى الحرب هناك لكي تستيقظ بلاده من الليلة الليبرالية القاتلة، أو من الليلة الأميركية القاتلة، ليرتدي قبعة القيصر. هكذا ظهر في بعض الصحف الأوروبية، حيث تبدو القارة العجوز بشخصية دونكيشوت لقرارها نشر قوات في أوكرانيا، بسبب التذبذب في السياسة الأميركية. ولكن ألم يحذّر السياسي الفرنسي جان لوك ميلانشون من ردّة فعل الدببة القطبية حين يكون هناك من يحاول أن يبيع جلدها؟

 

الشرق الأوسط ليس بالبعيد أبداً عن تداعيات ما جرى في الشرق الأقصى. الرئيس الأميركي اعترف بأنه خسر الهند التي كان يراهن على أن تكون "المدخل الجبّار" لذلك الطريق الذي يمتد من نيودلهي إلى تل أبيب، مروراً بالخليج، والذي يقطع الطريق على طريق الحرير، بنسخته المحدثة، من بكين وإلى أكثر من موطئ قدم في الشرق الأوسط.

 

هذا ما يراه البنتاغون الذي يستخدم نتنياهو لتحويل الشرق الأوسط بكامله إلى مستوطنة أميركية، وإلا لماذا ذلك الاحتضان للرجل الذي أعلن اعتزامه إقامة إسرائيل الكبرى، لا من النيل إلى الفرات، وإنما من باب المندب إلى ضفاف قزوين، ومن مضيق هرمز إلى مضيق الدردنيل، أي بإلحاق إيران، بهشاشتها الأيديولوجية وبانكفائها الجيوستراتيجي تبعاً لما يقولون، وتركيا التي من الواضح أنها في صدد إقامة "العالم التركي" الذي يضم أيضاً البلدان العربية، بهلهلة عروشها ومجتمعاتها.

 

أين لبنان في ظل تلك الاحتمالات (التحولات)؟ وهل حقاً أن قمة بكين قررت التركيز على الوقوع العملي مع إيران، بالموقع الجغرافي البالغ التأثير في صراع الإمبراطوريات، سواء حول آسيا الوسطى، أو حول الشرق الأوسط، وحتى حول إدارة العالم، والذي سيكون حتمياً في رأي الباحث الأميركي في الصناعات الصينية، والاستاذ في جامعة برنستون، كايل تشان. ماذا حين نعلم ماهية العلاقات بين "حزب الله" والولي الفقيه؟

 

لم تعد دول الطوق هي هي، سواء بالمعايير التوراتية أو بالمعايير الكلاسيكية، أي أنها تشمل فقط الدول المعروفة، والمبعثرة على ذلك النحو الدراماتيكي. كل دول المنطقة، بما فيها مصر، يفترض أن تكون خالية من السلاح، أو أن السلاح تحت السيطرة الأميركية، أو الإسرائيلية.

 

الآن، بدأ الحديث عن الجانب الغبي في شخصية نتنياهو حين يراهن على مواقف دونالد ترامب الذي يلاحظ أن تحولاً ما بدأ في الظهور داخل قاعدته الشعبية، أو في الكونغرس، حيال السياسات الدموية الإسرائيلية في غزة، والتي لا مبرر، قطعاً، لها بعدما تحول القطاع إلى أنقاض، فيما انتقلت غالبية السكان إلى الخيم، أو إلى العراء. ها هي الإدارة تجري، بعيداً من الضوء، "محادثات عميقة" مع حركة "حماس" لإطلاق الرهائن كخطوة ضرورية لانتزاع هذه الورقة الحساسة من يدي رئيس الحكومة الإسرائيلية، لنلاحظ أن بعض الدبلوماسيين المخضرمين في واشنطن (مثل آرون ميلر أو ريتشارد هاس) يتساءلون عن سبب عدم إجراء محادثات مماثلة مع "حزب الله" في لبنان للبحث في مسألة السلاح.

 

متى ندرك، كلبنانيين، وبيننا الكثيرون الذين يمدون أيديهم في الخفاء أو في العلن إلى نتنياهو، دون أن يلتفتوا إلى ما يفعله في سوريا التي تكاد قيادتها تجثو أمامه أو أمام العراب الأميركي.

 

إزاء هذا الواقع، قرار حكومة الرئيس نواف سلام نزع سلاح "حزب الله"، على أن يتولى هذه المهمة الجيش اللبناني الذي لا يمكن أن يكون أداة في يد إيال زامير، ودون أن تستطيع دبابات هذا الأخير الاقتراب من بيروت، بعدما دقت على أبواب دمشق. لكن الأميركيين ما زالوا يدفعوننا إلى الزاوية الإسرائيلية (وإلا...). نسوا أنهم كانوا يطلقون على المقاومين في لبنان "مجانين الله". الآن "مجانين لبنان". لنكن، جميعاً، "مجانين لبنان"!!