تيار نهب أراضي الدولة في عدن يجرف الواقفين في وجهه

2025-09-12 10:22
تيار نهب أراضي الدولة في عدن يجرف الواقفين في وجهه
شبوه برس - متابعات - اخبارية

 

*- شبوة برس - صحيفة العرب

​لم تمرّ استقالة سالم ثابت العولقي من منصبه على رأس الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من دون ضجّة سببها الأهمية التي اكتسبها المنصب في الفترة التي شهدت فيها عملية إدارة الأراضي التابعة للدولة، وخصوصا في الأماكن الإستراتيجية ذات القيمة التجارية والاقتصادية العالية، فوضى عارمة مع استشراء عمليات الاستيلاء و"البسط" على تلك الأراضي وتوظيفها بشكل عشوائي أثر بوضوح على المشهد العام وزاد من تعميق الفوضى العمرانية السائدة أصلا في أغلب مدن وحواضر البلاد.

 

وجاءت استقالة العولقي، المشهود له على نطاق واسع داخل الأوساط السياسية والإعلامية بالنزاهة ونظافة اليد، إثر فشله في تمرير مخطّط إصلاحي كان يقوم على الصرامة في ضبط فوضى الأراضي واستعادة مساحات من ممتلكات الدولة ومحاسبة المستولين عليها بغير وجه حق، الأمر الذي كان سيشكل مساسا بمصالح لوبي كبير تقول مصادر محلية في عدن إنّه تضخّم كثيرا في ظل حالة عدم الاستقرار وتغلغل في مواقع حساسة داخل السلطة حتى غدا عصيا على الإزالة والاستئصال.

 

وعيّن العولقي رئيسا للهيئة في أبريل الماضي بعد أن تواترت التشكيات وكثرت الصراعات والمشاكل على ملكية الأراضي واستغلالها. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر وصفتها بالمطلعة قولها إنّ الرجل الذي أظهر جدية في إنجاز برنامج إصلاحي تفصيلي ببنود تنفيذية واضحة اختار الاستقالة بعد أن تغاضت السلطات، بدفع من جهات متنفذة ومنخرطة في نهب الأراضي، عن تنفيذ قرارات صادرة عن مكتبه وتتعلق تحديدا بملفات تخص مدينة عدن التي كان برنامجه يستهدفها بشكل رئيسي سعيا لوقف الفوضى العارمة التي بدأت تعصف بما تبقى من معالمها الفريدة.

 

وبدا ذلك واضحا من خلال نص رسالة الاستقالة التي قال فيها العولقي إنّه عمل منذ توليه المنصب على مواجهة قضايا الأراضي والنزاعات المرتبطة بها واتخذ العديد من الإجراءات لإيقاف الاعتداءات واستعادة أراضي وممتلكات الدولة وحمايتها، إلا أن التدخلات المتكررة والقرارات المخالفة عطلت جهود الإصلاح وأضعفت دور الهيئة.

 

وأشار في رسالته إلى أن تلك العراقيل حالت دون المضي قدما في إصلاح المنظومة الإدارية والمالية والفنية للهيئة، والتي كان من شأنها أن تستعيد ثقة المواطنين وتعزز الشفافية وتحمي أراضي الدولة، مؤكّدا أن استقالته جاءت “إبراء للذمة وإخلاء للمسؤولية.”

 

وأثارت استقالة العولقي حالة واسعة من الاستياء في صفوف دعاة الإصلاح ومحاربة الفساد داخل أجهزة السلطة الشرعية اليمنية، الذين عبّر عدد منهم عن إحباطه الشديد وتشاؤمه بشأن الجدية في تنفيذ شعارات الإصلاح المرفوعة أحيانا على أعلى مستوى في مدارج السلطة.

 

وقال الإعلامي عبدالرحمن أنيس إنّه “كان بإمكان سالم ثابت أن يصبح مليارديرا خلال أشهر فالأراضي هي أقصر طريق للثراء السريع، وكان يستطيع أن يغرق في وحل الصفقات ويضع اسمه على قائمة المنتفعين الذين يملكون ولا يُسألون، وكان بإمكانه أن يصمت ويُساير، فيتحول الكرسي إلى منجم ذهب.”

 

لكنه، بحسب ما أورده أنيس عبر حسابه في منصّة إكس، “لم يفعل ذلك واختار الطريق الأصعب، طريق النزاهة، وقرر أن يواجه لوبيات الفساد بدل أن يشاركها الوليمة، وفتح ملفات مغلقة وحاول أن يُعيد لهيئة الأراضي اعتبارها، فإذا به يُقابل بفيتو من العيار الثقيل وضغوط لا تنتهي.”

 

وأضاف أنيس في منشوره “هكذا وجد سالم ثابت نفسه في مواجهة جدار المصالح والنفوذ يدفع ثمن نظافة يديه، وجرأة قراراته. وهكذا رحلت المحاولة قبل أن تُولد، ودفنت الإصلاحات في مهدها، بينما الفساد ما يزال يتنفس بلا حرج.”

 

وكتب المحلل السياسي والاقتصادي ياسر اليافعي، من جهته عبر منصة إكس، قائلا إنّ استقالة العولقي ليست قرارا فرديا يخصه هو كشخص فقط، “بل يجب أن تتحول إلى قضية رأي عام لمعرفة القوى النافذة التي عرقلت قراراته وأجبرته على ترك منصبه، لأنها هي نفسها من تريد استمرار الفساد والعبث بملف الأراضي في عدن.”

 

وأضاف اليافعي أنّ “هذه القوى تحاول بناء إمبراطوريات مالية ونفوذ غير مشروع على حساب حقوق الناس.. ومن هنا تبرز الحاجة إلى تشكيل لجنة مستقلة شبيهة بلجنة هلال باصرة التي سبق أن كُلفت بملف الأراضي لتكشف للرأي العام من يعبث بمستقبل عدن ويطعن تضحيات شعب الجنوب.”