اتفاق الرياض: هل تتنازل القيادة الجنوبية عن حقوقها؟

2025-09-13 14:10

 

يثير اتفاق الشراكة الأصلي، الذي وُقّع في المملكة العربية السعودية بين المجلس الانتقالي الجنوبي وسلطة الشرعية اليمنية، تساؤلاتٍ عميقة حول مدى التزام الأطراف بتنفيذ بنوده، ومدى جديّة القيادة الجنوبية في الحفاظ على الحقوق التي كفلها لها هذا الاتفاق. فعلى الرغم من النص الصريح في الاتفاق على أن محافظة لحج هي من نصيب المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو ما يعني إدارتها وتعيين محافظٍ لها من قِبله، إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى تنازلٍ غامضٍ عن هذا الحق، وبقاء المحافظ الحالي، اللواء أحمد عبد الله التركي، الذي يتبع الشرعية، في منصبه حتى يومنا هذا.

 

ولا يمكن إغفال مظاهر العداء التي أبداها محافظ لحج تجاه الجنوب وقضيته العادلة طوال الفترة الماضية. بدءًا من إنزال العلم الجنوبي من مبنى المحافظة، وصولًا إلى النكف القبلي الذي استدعاه لمواجهة تداعيات قضية العلم، وهي مواقفٌ واضحةٌ وصريحةٌ تعكس ولاءه للشرعية وعداءه الصريح لمطالب الجنوب. ومع ذلك، فقد تغاضى المجلس الانتقالي الجنوبي عن كل ذلك، بل وقبل ببقاء هذا المحافظ في منصبه، متنازلاً عن حقه الأصيل في تعيين محافظٍ جنوبيٍ تابعٍ له. هذا التجاهل، الذي يتناقض مع روح اتفاق الشراكة، تسبب في خللٍ واضحٍ في ميزان الشراكة، لصالح الشرعية اليمنية.

 

واليوم، تأتي قرارات الرئيس عيدروس الزبيدي الأخيرة بتعيين كوادر جنوبية في الحكومة، بدعوى تصحيح مسار الشراكة وموازنة كفتها.  يبقى السؤال مهم: هل يمكن اعتبار هذه القرارات تصحيحًا حقيقيًا لمسار الشراكة إذا لم تتضمن تعيين محافظٍ جنوبيٍ تابعٍ للمجلس الانتقالي في محافظة لحج، وفقًا لنصوص اتفاق الشراكة الواضحة؟

 

فقد كان يفترض، منطقيًا، أن يبدأ الرئيس الزبيدي بهذه الخطوة الهامة، وأن يعين محافظًا للحج من كوادره، ليؤكد جديته في الحفاظ على حقوق الجنوب. فكيف يمكن للرئيس الزبيدي أن يدعي سعيّه لتصحيح ميزان الشراكة، وهو يتنازل عن حقٍ أصيلٍ وواضحٍ، بل ويتجاهل العداء الذي يبديه محافظ لحج التابع للشرعية تجاه القضية الجنوبية وموقفه المعادي لها

 

إن القرار الأهم، والأكثر استراتيجيةً، الذي كان يفترض أن يصدره عيدروس الزبيدي على رأس حزمة القرارات الأخيرة لتصحيح الشراكة، هو تعيين محافظٍ جديدٍ لمحافظة لحج. أما القرارات الأخرى، مهما بدت أهميتها، فإنها تفقد جزءًا كبيرًا من قيمتها إذا لم تتضمن هذه الخطوة الأساسية. فالحفاظ على الحقوق المكتسبة، وتطبيق بنود اتفاق الشراكة بحذافيرها، هو الطريق الوحيد لضمان شراكةٍ حقيقيةٍ وعادلة، تخدم مصالح الجنوب، وتعزز من قوته، وتؤكد على إرادته السيادية.

 

إن التغاضي عن قضية محافظة لحج، وتنازل المجلس الانتقالي عن حقه الأصيل في تعيين محافظٍ لها، يفتح الباب أمام تساؤلاتٍ خطيرة حول مدى جديّة القيادة الجنوبية في الحفاظ على حقوق الجنوب، ومدى استعدادها للتنازل عن مكتسباتها . وعلى القيادة الجنوبية أن تدرك أن الحفاظ على الحقوق، وتطبيق الاتفاقيات، هو أساس بناء الثقة، وهو السبيل الوحيد لتحقيق تطلعات شعب الجنوب نحو مستقبلٍ أفضل.