منذ عقود والجنوب يدفع أثمان أخطاء قاتلة ارتكبتها قوى سياسية احتكرت القرار ومصير الناس. الجبهة القومية بعد الاستقلال رفعت شعارات أكبر منها، لكنها سرعان ما حوّلت الدولة إلى أداة إقصاء وقمع، فاحتكرت السلطة وألغت التنوع وأقصت كل صوت مخالف باسم الثورة. ثم جاء الحزب الاشتراكي ليعيد إنتاج التجربة بصورة أكثر قسوة؛ حيث اختزل الوطن في أيديولوجيا ضيقة، وأغلق أبواب المشاركة، وقاد الجنوب إلى صراعات داخلية دامية ثم إلى وحدة كارثية مع صنعاء عام 1990، وحدة لم تكن نتاج إرادة شعبية بل صفقة نخبوية بائسة دفعت شعبنا نحو الكارثة التي نعيش فصولها حتى اليوم.
من هنا كان سعينا، ولا يزال، مع الشرفاء من أبناء الجنوب، من أجل المجلس الانتقالي الجنوبي كممثل وطني حقيقي للجنوب، لا حزباً ضيقاً ولا واجهة جهوية أو زبائنية. حامل جامع يعبر عن إرادة الناس، ويحصّن القضية الجنوبية من التبديد، ويجسد التمثيل الوطني بعيداً عن صراعات أصحاب المصالح الخاصة. إن العمل السياسي الجنوبي اليوم بحاجة إلى تقييم سياسي لعمل المجلس الانتقالي بعيدا عن الأنا المتضخمة لدى البعض، يتجاوز أخطاء الماضي، ويقود شعبه نحو مستقبل حر ومستقل لا مكان فيه لإعادة إنتاج الوصاية أو التبعية.
د. حسين لقور بن عيدان