منذ أن فوَّض الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي سلطاته إلى مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022، كان من المفترض أن تكون هذه الصيغة الجماعية مؤقتة لإدارة المرحلة الانتقالية. لكن رشاد العليمي حوَّل المجلس إلى منصة سلطوية فردية، معتبرًا نفسه رئيسًا بصلاحيات مطلقة دون تفويض أو انتخاب، مما يشبه انقلابًا ناعمًا على مبدأ الشراكة.
لم يكن التفويض موجهاً للعليمي وحده، بل للمجلس بكامل أعضائه الثمانية. إلا أنه تجاوز هذا الإطار منذ البداية، ورفع صوره كـ "رئيس للجمهورية"، متجاهلاً شركاءه ومستأثراً بسلطة القرار بمفرده.
أدت هذه التصرفات إلى أزمة ثقة داخل المجلس، ودفعت أعضاءً مثل عيدروس الزبيدي وفرج البحسني إلى التصعيد والحديث عن غياب اللوائح التنظيمية وتوزيع الصلاحيات، مما خلق فراغًا إداريًا استغلته قوى خفية ودفع المحافظات المحررة مثل عدن وحضرموت إلى الفوضى والفساد.
المجلس اليوم أمام مفترق طرق: إما العودة إلى العمل الجماعي عبر لوائح واضحة وتوزيع للصلاحيات، أو الاستمرار في المسار الفردي الذي يقوده العليمي نحو الانهيار الحتمي. الشرعية لا تُكتسب دون شراكة، والتفويض لا يعني الهيمنة، واستمرار هذا النهج سيجعل من انهيار المجلس مسألة وقت لا أكثر.