منصات التحريض والإعلام المضلل: الجنوب في مرمى التشويه الناعم

2025-10-12 20:19
منصات التحريض والإعلام المضلل: الجنوب في مرمى التشويه الناعم
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

*- شبوة برس -  رائد عفيف 

في زمنٍ لا تُطلق فيه الرصاصة من بندقية، بل من منشور رقمي، ومن مقطع مفبرك، ومن منصة تُخاطب الغضب لا العقل…

يُستهدف الجنوب بأسلوب جديد: لا تُعلن الحرب عليه، بل يُغرق في التشكيك، ويُفكك عبر أدوات ناعمة تُتقن فنّ التشويه، وتُراهن على تزييف الوعي بدلًا من المواجهة المباشرة.

 

منصات التحريض: شعارات الانتماء تُخفي مشروعًا خبيثًا

في الفضاء الرقمي، تنشط منصات مناطقية تحمل أسماءً جذابة مثل "منصة أبناء عدن"، "منصة أبناء لحج"، "منصة أبناء حضرموت والمهرة"، وغيرها.

لكن خلف هذه الشعارات، لا يوجد نقد مسؤول، بل ماكينة تُعيد إنتاج الانقسام، وتُفرّخ مكونات شكلية تُضعف الصوت الجنوبي الحقيقي، وتُشوّه رموزه تحت غطاء الانتماء المحلي.

 

هذه المنصات لا تعمل وحدها، بل تتكامل مع قنوات تلفزيونية تُعيد تدوير الخطاب العدائي، وناشطين يعملون ليلًا ونهارًا على تشويه المواقف، عبر مقاطع مفبركة وتحليلات مضللة وحملات ممنهجة.

 

والأغرب؟ أن هذا النمط لا يظهر في المحافظات الشمالية، رغم سيطرة الحوثي واختراقات أمنية خطيرة.

لا توجد منصات مثل "منصة أبناء تعز"، أو "منصة أبناء صنعاء"، أو "منصة أبناء مارب" تهاجم سلطات الأمر الواقع أو تكشف جرائمها.

هذا الغياب ليس صدفة، بل يُشير إلى خطاب موحّد يستهدف الجنوب، ويُستخدم كأداة ناعمة لتفكيك وحدته، بدلًا من فضح فساد الشمال أو مساءلة من ينهب البلاد.

 

الإعلام المضلل: حين تُصبح الكاميرا أداة اغتيال معنوي

لم يعد الإعلام مجرد وسيلة لنقل الخبر، بل تحوّل إلى سلاح يُستخدم لتوجيه الرأي العام وتشويه الحقائق.

في الحالة اليمنية، يُستخدم الإعلام الممول من الخارج لتضخيم الأخطاء الجنوبية، وتجاهل الجرائم في الشمال، وتقديم صورة مشوهة عن القيادة الجنوبية.

 

تُنتج تقارير مفبركة، وتُعاد تدوير الإشاعات، وتُستغل المنصات الإخبارية لترويج سردية واحدة: أن الجنوب فاسد، مشتت، ولا يستحق الاستقلال.

بينما الإعلام نفسه يصمت عن فساد الشرعية، وعن انتهاكات الحوثي، وعن مشاريع الهاربين في الخارج التي تُدار بأموال منهوبة.

 

هل سمعتم عن أحد نواب المجلس الرئاسي الذي مُنع من قبل السفارة الأمريكية من حضور لقاء رسمي ضمن وفد الحكومة الشرعية الأخير في الأمم المتحدة الأمريكية؟

تم استبعاده بشكل مباشر، ليُستبدل بابنه الذي حضر اللقاء نيابة عنه.

تخيّلوا لو أن عيدروس الزُبيدي فعل ذلك، وأرسل ابنه بدلًا عنه… لاهتزّت المنصات، وارتفعت الأصوات، وسمع بالخبر الجنّ والإنس والحجر والشجر.

لكن لأن الواقعة جاءت من جهة الإخوان، لم يسمع بها أحد، ولم تُناقش في أي وسيلة إعلامية تدّعي المهنية، لأنها تُحرج الطرف الذي يُفترض أنه يُمثل الدولة.

 

هكذا يُدار الإعلام المضلل: لا ينقل الحقيقة، بل ينتقي منها ما يخدم أجندته، ويُخفي ما يُحرج حلفاءه.

 

الجنوب لا يُخدع… وذاكرته لا تُنسى

كل ما يُدار ضد الجنوب ليس صدفة، بل خطة ممنهجة تُستخدم فيها أدوات الإعلام، والسياسة، والاقتصاد، وحتى الدين، لتفكيك إرادته وتشويه قضيته.

لكن الجنوب لا يُقاس بما يُقال عنه، بل بما يصنعه بنفسه. لقد واجه السلاح، وواجه التهم، وواجه الإقصاء، وها هو اليوم يواجه التضليل، بنفس الصبر، وبنفس الوعي، وبنفس الإصرار.

 

لا يُستدرج الجنوب إلى الفتنة، ولا يُستفز إلى ردود غير محسوبة، لأنه يُدرك أن وعيه هو سلاحه الأول.

وكل محاولة لإرباكه، تُعيد تأكيد أن خصومه لا يملكون مشروعًا، بل يملكون أدوات تشويه فقط.

 

لكل عديمي الأمانة والمسؤولية، تذكّروا أن هذا الوطن الجنوبي الغالي دفعنا من أجله خير الرجال، ولا زالت الفاتورة جارية…

فلا تظنوا أن الذاكرة الجنوبية قصيرة، ولا أن الصبر يعني قبولًا، ولا أن التضليل يُنسي الدماء التي سُفكت من أجل الكرامة.

ذاكرة الجنوب لا تُنسى، لأنها كُتبت بالدم، وحُفرت في الوعي، وتُورّث كرامة لا تموت.

 

وهكذا، يبقى الجنوب حاضرًا بوعيه، ويستمر في مقاومة كل محاولات الإرباك، حتى يستعيد حقه الكامل في الأرض والقرار، ويكتب تاريخه بيده، لا بيد من خانوه أو شوّهوا صورته.