أزمات متكررة ومعاناة لا تنتهي

2025-10-13 12:24

 

اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

على الرغم من كل ما يعيشه المواطن الجنوبي من أزمات وضغوط ومعاناة متواصلة، إلا أنه لا يزال صابرًا صامدًا، يتحمل قسوة الأيام وشظف العيش بثباتٍ وإيمانٍ راسخ، آملاً أن يأتي الغد بما يخفف عنه هذا العناء الطويل.

 

في الوقت الذي بدأ فيه المواطن الجنوبي يلتقط أنفاسه بعد تحسنٍ نسبيٍّ في قيمة العملة وهدوءٍ طفيف في أسعار السلع والمواد الغذائية، فوجئ الناس بعودة انقطاعات الكهرباء الطويلة التي تستمر في المرة الواحدة لأكثر من ثلاث عشرة إلى أربع عشرة ساعة متواصلة، حتى بلغ مجموع الانقطاعات اليومية أكثر من عشرين ساعة في العاصمة عدن، وكأنّ المعاناة قد أصبحت جزءًا من تفاصيل الحياة اليومية.

 

ولم تتوقف المآسي عند هذا الحد، فناهيك عن انقطاعات المياه المتكررة التي أثقلت كاهل الأسر، وتدهور الطرقات المكسّرة التي جعلت التنقل بين المدن والأحياء معاناة بحد ذاتها، إضافةً إلى شح الخدمات وتردي أوضاع المرافق العامة. كل ذلك جعل المواطن الجنوبي يعيش حالة من الإرهاق الدائم والضيق المستمر، وكأنّ الحياة أضحت سلسلة من المشقات لا تنتهي.

 

وما إن حاول الناس التكيّف مع هذه الظروف الصعبة حتى جاءت أزمة الرواتب لتزيد الطين بلة، وتضاعف من معاناة الأسر التي لم تعد قادرة على تلبية أبسط احتياجاتها اليومية.

 

وإضافةً إلى كل هذه المآسي والمتاعب اليومية، يأتي الفساد والرشوة ليزيدا من جراح المواطن الجنوبي، حيث أصبحت المعاملات البسيطة لا تُنجز إلا بمقابل، والحقوق لا تُستعاد إلا بتعبٍ وانتظارٍ طويل، حتى غدت الرشوة سلوكًا يهدد قيم المجتمع وينخر في جسد الدولة. لقد تحولت حياة الناس إلى صراعٍ يومي مع الفساد، ومع انعدام الرقابة والمحاسبة، تتضاعف المعاناة وتغيب العدالة.

 

لقد أصبحت الأزمات المتكررة والمتسلسلة سمة بارزة في واقع الجنوب، ومع كل أزمة جديدة تتراجع آمال الناس في حياة كريمة ومستقرة.

 

من هنا، نوجّه مناشدة صادقة إلى الحكومة والمجلس الرئاسي، وكل الجهات ذات العلاقة، أن يتحمّلوا مسؤولياتهم التاريخية والأخلاقية في رفع هذه المعاناة عن كاهل المواطن الجنوبي، واتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من الأعباء الثقيلة التي تثقل كاهله في الكهرباء والمياه والرواتب والخدمات كافة، ومحاربة الفساد والرشوة التي أصبحت سرطانًا ينخر في مؤسسات الدولة. فالشعوب لا تُقاس بشعاراتٍ تُرفع، بل بخدماتٍ تُقدَّم، ومعاناةٍ تُزال، وكرامةٍ تُصان.

 

وفي الختام، نسأل الله العلي القدير أن يفرّج الكرب عن أهل الجنوب، وأن يبدّل حالهم إلى أحسن حال، وأن يلهم المسؤولين الحكمة والرشد في اتخاذ القرارات التي تخفف عن الناس وتعيد لهم الأمل بالحياة الكريمة.

اللهم اجعل هذا الوطن آمنًا مطمئنًّا، وسائر بلاد المسلمين.

 

والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل