يشهد الجنوب في الآونة الأخيرة حالة من الغليان والتوتر، وكأن الأحداث تتسابق لتقود المشهد نحو المجهول. ففي المهرة يظهر الحريزي بتحركات مريبة لا تخدم إلا أجندات خارجية، وفي حضرموت يتحرك ابن حبريش بخطاب يثير الانقسام، وفي أبين تندلع اشتباكات مسلحة تُنذر بعودة الفوضى، وفي تعز يطل علينا أمجد خالد معلنًا تشكيل ما يسمى بـ«مقاومة ضد الجنوب» في خطوة عدائية مكشوفة الأهداف.
وفي المقابل، تتدفق عبر الموانئ والسواحل سفن مشبوهة تحمل أطنانًا من المخدرات وأخرى تهرّب الأسلحة، في مشهد يؤكد أن هناك من يريد العبث بأمن الجنوب واستقراره، وإغراقه في الفوضى مجددًا.
ولم يقف الأمر عند ذلك، فـ الفساد ينخر في مؤسسات الدولة، والرواتب تُؤجَّل لأشهر طويلة، والأسعار لا تزال مرتفعة ترهق كاهل المواطن الذي لم يعد يحتمل مزيدًا من المعاناة، بينما يعيش كثير من المسؤولين في رفاهية ولامبالاة.
السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: إلى أين يتجه الجنوب؟
هل المطلوب أن يُعاد الجنوب إلى مربع الصراع والفوضى بعد أن خطا خطوات كبيرة نحو بناء مؤسساته واستعادة قراره السياسي؟ أم أن هناك من يسعى لخلط الأوراق وضرب الجنوب من الداخل عبر أدواته المحلية؟
إن ما يجري اليوم يتطلب من كل أبناء الجنوب، قيادةً وشعبًا، أن يقفوا صفًا واحدًا خلف المجلس الانتقالي الجنوبي، وأن يدركوا أن المرحلة خطيرة وأن الأعداء يراهنون على تشرذمنا. فالجنوب الذي صمد أمام الحروب والمؤامرات، لن يسقط اليوم إلا إذا تفرّق أبناؤه.
إننا بحاجة إلى وعي ومسؤولية، وإلى ضبط النفس وتغليب المصلحة الوطنية الجنوبية على المصالح الضيقة، لأن المعركة اليوم معركة وجود وهوية، لا مجال فيها للتهاون أو المجاملة.
الجنوب إلى أين؟
الجواب مرهون بمدى قدرتنا على توحيد الكلمة، ورص الصفوف، ومواجهة الفساد، والتصدي لكل من يحاول المساس بأمننا واستقرارنا ومستقبلنا.