*- شبوة برس - لطفي الداحمة
في لحظة فارقة من تاريخ الجنوب، حين كانت الدماء الزكية تسقي تراب الوطن من المهرة إلى باب المندب، خرج شعب الجنوب في أوج وعيه ليمنح تفويضه الكامل للقائد عيدروس الزُبيدي، لم يكن التفويض مجرد تأييد سياسي، إنه عهد ممهور بالتضحيات والأمل باستعادة كيان جنوبي حر ومستقل.
هذا التفويض ولد مشروعاً وطنياً يوحد الصف الجنوبي، ويحول حلم الاستقلال إلى مؤسسات وسيادة وقرار، لم يمنح لأفراد، إنما لمشروع تحرري يعيد للجنوب كرامته ومكانته وقراره المسلوب.
اليوم، بينما يفترض أن تكون هذه التضحيات ثمرة، يجد المواطن نفسه أمام واقع من التجويع والإذلال، إذ أصبح الجوع أداة سياسية ضد من صمدوا وقدموا فلذات أكبادهم.
تتردد في الشارع الجنوبي الأسئلة، أين التفويض؟ هل كان مجرد شعارات، أم لبناء واقع يليق بالدماء التي سفكت؟
المجلس الانتقالي الجنوبي ليس مفوضاً بالدولة وحدها، التفويض الشعبي مسؤولية سياسية وأخلاقية تجاه الشعب، تبدأ بحماية المواطن، صون كرامته، وتأمين لقمة عيشه هي البداية الحقيقية لاستعادة الدولة.
لم يعد الجنوب بحاجة إلى بيانات أو خطابات، فهو بحاجة إلى قيادة تتقدم الصفوف في الميدان السياسي والمعيشي والخدماتي، لتجسد التفويض إلى أفعال ملموسة تعيد الثقة للشعب.
ويبقى السؤال الأكثر وجعاً، هل التفويض حي في ضمير القيادة كما هو في وجدان الشعب، أم غابت المسؤولية خلف رفاهية المكاتب والفنادق، فتجاهلوا وجع الشارع وصوت الجياع؟