في هذا الزمن المضطرب زمن الفتن والصخب حيث تكاثرت الأصوات وغابت الحكمة واختلط الحابل بالنابل واصبح التمييز بين العالم والجاهل من أصعب المهام؛
نقف أمام ظاهرة خطيرة تستحق التأمل طويلًا… ظاهرةٌ نبَّهنا إليها الحبيب المصطفى ﷺ منذ قرون وتبدو اليوم حاضرة بوضوح في واقعنا تظهر في صور متعددة نراها يوميًا من حولنا.
نرى كل يوم العجب العجاب أناس لا يملكون علمًا ولا أدبًا ولا أخلاقًا ومع ذلك يتصدرون المشهد العام يخوضون فيما يجهلون ويفتون فيما لا يعرفون وكأنهم أوتوا علم الأولين والآخرين!
والأسف الأكبر أن بعض منصات التواصل صارت منابر لهؤلاء تُسمع فيها أصواتهم ويُصدّق فيها كلامهم حتى غدا التمييز بين الحق والباطل وبين النافع والضار أمرًا شاقًّا على كثير من الناس.
بل الأدهى والأقبح: أن فئة من هؤلاء جعلت غايتها الطعن في أهل العلم والفضل يشوّهون سمعتهم، وينشرون الشكوك حولهم بدافع الحسد والغلّ، بينما يرفعون من شأن الفاسدين والمنحرفين ويُلبسونهم ثوب البطولة الزائفة!
وها نحن اليوم نعيش واقعًا يشبه تمامًا ما أخبرنا به رسول الله ﷺ حين قال:
((سيأتي على الناس سنوات خدّاعات يُصدَّق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق ويُؤتمن فيها الخائن، ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة)).
قيل: وما الرويبضة يا رسول الله؟
قال: ((الرجل التافه يتكلم في أمر العامة)).
إن مواجهة هذه الظاهرة لا تكون إلا بالتريّث وقوة الفهم وعدم الانسياق خلف كل صوت مرتفع أو كل كلمة تُقال. فلنزن الأمور بميزان العلم والحق ولنعالج سلوكنا قبل أن نُصلح كلامنا.
أيها المصلحون الأوفياء
أيها الدعاة الصادقون
أيها العلماء الثابتون على الحق..
امضوا في دروبكم ولا تلتفتوا للخائبين. فـ الكلاب تنبح… والقافلة تسير.
والطريق إلى الحق واضح مهما كثر الضالون ومهما علت أصوات الرويبضة..
21نوفمبر 2025م