بن حبريش بين إرث الدم وتحالفات اليوم: مفارقات لا ترحمها الذاكرة

2025-11-28 23:23
بن حبريش بين إرث الدم وتحالفات اليوم: مفارقات لا ترحمها الذاكرة
شبوه برس - خـاص - المكلا

 

  • شبوة برس - يحيى أحمد

في عام 1998، أقدمت قوات الاحتلال اليمني بقيادة الهالك محمد إسماعيل الأحمر السنحاني، قائد المنطقة الشرقية لحضرموت، على ارتكاب جريمة اغتيال بشعة لشيخ المقدم علي بن أحمد بن حبريش، مقدم قبيلة الحموم، وذلك بعد مطالبته بحقوق أبناء حضرموت من ثرواتهم المنهوبة.

 

ويعد محمد إسماعيل الأحمر، قائد المنطقة الشرقية، أحد الأعمدة الرئيسية لنظام الاحتلال اليمني في اجتياح الجنوب العربي عام 1994، وكان يعد في نظر الاحتلال اليمني ملكًا غير متوج لمحافظة حضرموت خلال تلك المرحلة، وقد بسط سيطرته على أرض في سيئون تفوق مساحتها مساحة ملعبين كبيرين بمقاييس دولية لكرة القدم، وتم بيعها في أكتوبر 2013 بوكالة صادرة عن محكمة في صنعاء، وجرت صفقة البيع بمبلغ مليونين وخمسمائة ألف ريال سعودي.

 

وفي 2 ديسمبر 2013، أقدمت قوات المنطقة العسكرية الأولى على مدخل مدينة سيئون، طريق شحوح جنوب غرب سيئون بوادي حضرموت، على ارتكاب جريمة بشعة تمثلت في اغتيال المقدم سعد بن حمد بن حبريش ومرافقيه، وجاءت بعد وقت قريب من تشكيل الشيخ بن حبريش اتحاد قبائل حضرموت للمطالبة بحقوق أبناء حضرموت من عائدات الثروة النفطية المستخرجة من المحافظة.

 

وكان قائد المنطقة العسكرية الأولى محمد عبدالله الصوملي، المنتمي إلى حزب الإصلاح والذي يعمل تحت عباءة العجوز الإرهابي علي محسن الأحمر حينذاك، قد رفض أي حديث عن سحب القوات العسكرية أو رفعها وتسليمها لأبناء حضرموت أو تسليم قتلة الشهيد بن حبريش، وهدد أبناء الجنوب العربي وأبناء حضرموت بقوله: هؤلاء يحلمون أن نخرج من حضرموت، لن نخرج منها إلا بعد إحراقها بالكامل.

 

اليوم، وبعد مضي عقدين ونيف على اغتيال والده، وعقد على اغتيال عمه، يتصالح الابن عمرو بن علي بن حبريش مع قتلة أبيه وعمه، ويغض الطرف عن قلعة الإرهاب المنطقة العسكرية الأولى، التي خرج منها الجنود بأمر جنرالهم العجوز الإرهابي لقتل عمه المقدم سعد بن حمد بن حبريش، الذي خرج يطالب بحصة أبناء حضرموت من ثرواتهم المنهوبة.

 

وبالأمس ظهر عمرو بن علي بن حبريش في خطاب يرفع راية حضرموت ظاهريًا، بينما يمارس على أرض الواقع ما يناقض جوهر تلك الراية؛ يرفض النخبة الحضرمية المشكلة من أبناء حضرموت، ويغض الطرف عن المنطقة العسكرية الأولى التابعة لقوى الاحتلال اليمني، الجاثمة على ثروات حضرموت منذ ثلاثة عقود، والتي تخرج منها العناصر الإرهابية لتنفيذ الاغتيالات والتفجيرات في حضرموت وشبوة وأبين، إلى جانب تهريب السلاح إلى الحوثي.

 

وقد أكد فريق خبراء الأمم المتحدة في تقريره الصادر عام 2022 أن القوات الموالية للإخوان تقوم بتهريب الأسلحة إلى الحوثيين عبر موانئ المهرة، ومنها إلى وادي حضرموت ثم مأرب وصنعاء الخاضعة لسيطرة أذرع إيران.

 

وتبلغ أعداد قوات المنطقة العسكرية الأولى 45 ألف مجند بمختلف أنواع الأسلحة، وجميعهم ينتمون إلى المحافظات الشمالية. وسبق أن صرح متحدث التحالف تركي المالكي، الذي زار شبوة عقب تحريرها من الحوثيين مطلع عام 2021، أن قوات المنطقة العسكرية الأولى لا تتبع حكومة هادي، وتخضع لقوى الاحتلال اليمني وفي مقدمتهم حزب الإخوان الإرهابي.

 

فليس غريبًا أن يروج إعلام الإخوان والحوثيين لعمرو بن حبريش، الذي يرون فيه خط الدفاع الأول عن قلعة الإرهاب لقوى الاحتلال اليمني المنطقة العسكرية الأولى، ويعتبرونه أداة تمكنهم من تفكيك النسيج المجتمعي الحضرمي، وإبقاء سيطرتهم على ثروات حضرموت وحرمان أبنائها منها.

 

فكيف لمن يتحالف مع قاتل أبيه وعمه أن يدعي الدفاع عن حقوق أبناء حضرموت، بينما يمد يده لمن شارك في قتل والده وعمه ونهب الأرض والثروة وحرمان أهلها من أبسط حقوقهم؟

 

الأجدر بك يا عموري أن تنأى بنفسك عن أحضان قوى الاحتلال اليمني، فهم لم يقدموا لحضرموت خيرًا، ولو كانوا حريصين على مستقبلها لما أقدموا على إزهاق روح والدك وعمك لمجرد مطالبتهما بحقوق أبناء المحافظة.

 

إن معركة حضرموت اليوم ليست معركة شعارات أو بيانات سياسية، بل معركة وعي وموقف. فإما أن تقف مع أهلك وأرضك وتاريخك، وإما أن تتحول إلى أداة بيد من لا يرى في حضرموت سوى غنيمة.

 

والتاريخ لا يرحم، والناس لا تنسى، والحق لا يطمس مهما حاولت القوى المتنفذة تغطيته بدخان الخطابات أو تلوينه بشعارات زائفة.

 

حضرموت أكبر من أن تختزل في أشخاص، وأسمى من أن تباع في سوق التحالفات المصلحية. وما تحتاجه اليوم هو رجال ثابتون لا يساومون على دماء آبائهم ولا على كرامة أهلهم.