على الرغم من مضي ثمانية شهور على بدء أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن، فإن الخلافات بشأن وضع الجنوب في الدولة الاتحادية المقترحة، يهدد بفشل هذه التجربة التي تعتبرها الأمم المتحدة فريدة في دول الربيع العربي.
ومع استمرار تمسك الحراك الجنوبي والحزب الاشتراكي بدولة اتحادية من إقليمين أحدهما شمالي، والآخر جنوبي ورفض مقترح الشماليين بدولة اتحادية من خمسة أقاليم، تواصل الأمم المتحدة والدول الراعية للتسوية جهود تقريب وجهات نظر المختلفة ومنع الفشل، فيما أكدت القائمة بأعمال السفيرة الأميركية في صنعاء كارين هيديكو ساساهار أن «الانفصال أصبح أمراً من الماضي ولن يقبله اليمنيون لأنه لا يتفق مع رغبتهم».
عودة الحراك
وبعد مقاطعة دامت نحو شهر وتمديد أعمال المؤتمر نحو شهرين، عاد الحراك الجنوبي إلى المشاركة في الجلسات الختامية للحوار، لكن الأمين العام للحزب الاشتراكي ونائب رئيس مؤتمر الحوار ياسين سعيد نعمان، قال إن «ما يشهده المؤتمر من ركود وتعليق من قبل بعض المكونات يندرج في إطار المكايدات الحزبية، ولا علاقة مباشرة له، بما يجري من نقاش حول مختلف القضايا».
ويضيف: «تعثر عمل فريق القضية الجنوبية، يعود إلى مشكلات تنظيمية، في مكوني المؤتمر الشعبي والحراك الجنوبي، أكثر منها قضايا متعلقة بالموضوعات نفسها».
غير أن رئيس مؤتمر شعب الجنوب محمد علي احمد قال إن «هناك مسببات أدت إلى تعليق مشاركة الحراك الجنوبي في الحوار، منها شعورنا وتأكدنا أن النظام السابق مازال هو المسيطر والمهيمن والمسير للأمور كلها».
خيار ومفاجأة
وفي ظل تمسك حزب المؤتمر الشعبي العام ومعه تجمع الإصلاح والحزب الناصري بأن تتكون الدولة الاتحادية المقترحة من خمسة أقاليم حتى لا يتم إذكاء النزعة الانفصالية المتنامية في الجنوب، قال أمين عام الحزب الاشتراكي إن «خيار الإقليمين هو أكثر الخيارات الاتحادية قبولاً للتنفيذ وللتطبيق ولبقاء اليمن موحداً، غير قابل للتفكيك من الخيارات الأخرى».
وفجر «الاشتراكي»، الذي يلقى دعماً من الحراك الجنوبي والحوثيين لخيار الدولة الاتحادية من إقليمين، وفقا، لحدود ما قبل توحيد شطري اليمن العام 1990، مفاجأة عندما اقترح فترة انتقالية ثانية والتمديد للرئيس عبد ربه منصور هادي أربعة أعوام أخرى لأن «البلاد لا تزال تواجه شبح العنف والانقسام والفوضى، ولم تتحقق بعد حلول القضية الوطنية على أرض الواقع وفي المقدمة حل القضية الجنوبية».
ويضيف أن «الفترة الزمنية المتبقية من الفترة الانتقالية الأولى لا تكفي لإنجاز أبسط الأمور وحل القضايا الكبرى، وفي المقدمة القضية الجنوبية، باتجاه يعيد التماسك الوطني».
واقترح «الاشتراكي» أن يصدر هادي إعلاناً دستورياً لتنظيم سلطات مؤسسات الدولة، وأن يحل مجلسي النواب والشورى ويعلق العمل بقانون السلطة المحلية، وينقل صلاحياتها للمحافظين ومديري المديريات، الذين يتم تعيينهم بالتوافق على قاعدة التشكيل الجديد للحكومة.
ونص المقترح أيضاً على أن «يتم تقرير مصير مؤتمر الحوار الوطني وفيما إذا كان سينفض أم يتحول إلى هيئة دستورية لممارسة صلاحيات تشريعية ورقابية، خلال مرحلة التأسيس تحت مسمى (الجمعية التأسيسية)، تتولى مهمة الإشراف على صياغة الدستور والاستفتاء عليه».
كما نص على «التشاور مع الرئيس لتشكيل الحكومة وإصدار القوانين المنظمة لتنفيذ الدستور، فيما يخص شكل الدولة والعلاقة الداخلية بين مكوناتها، وكذلك القوانين الخاصة بالانتخابات والعدالة الانتقالية وما يتصل بها، وتنظيم القوات المسلحة والأمن، والإشراف على انتخابات مجالس الأقاليم، فور الانتهاء من تشكيل الأقاليم وإصدار القوانين المنظمة لاختصاصاتها وعلاقتها بالمركز».
رفض وتفاؤل
وسارع حزب «المؤتمر الشعبي» إلى رفض مقترح «الاشتراكي»، حيث أشار في بيان إلى أن «هذه الرؤى والتصورات تمثل انقلاباً مكشوفاً على الدستور والديمقراطية والمبادرة الخليجية، ومحاولة الالتفاف على المؤسسات الدستورية القائمة، ومحاولة إقحام أعضاء مؤتمر الحوار التحول إلى جمعية تأسيسية، تقوم بدور التشريع، يضر بالعملية الديمقراطية وافتئات مرفوض على الإرادة الشعبية».
وكان المبعوث الدولي الخاص باليمن جمال بنعمر أكثر الأطراف تفاؤلاً بنجاح مؤتمر الحوار، حيث قال في بداية أعماله إن «مجلس الأمن الذي تعود على الأخبار غير السارة من مبعوثي الأمين العام، تفاجأ عندما قلت إنني هذه المرة أحمل أخباراً سارة من اليمن، تخص انطلاق مؤتمر الحوار الوطني في مشهد خاص يحمل كل مقومات النجاح».
* البيان