قصة صورة ( الشاعر سعيد عبدالله قشمر)

2016-03-21 06:52
قصة صورة ( الشاعر سعيد عبدالله قشمر)
شبوه برس - خاص - المكلا

 

وما من كـاتب إلا سـيفـنى *** ويبقي الدهر ما كتـبت يداه

فلا تكتب بخطك غير شيء *** يسرك في القيامة أن تراه

 

عندما يمسك الإنسان قلمه ليكتب للناس شيئاً ما ، فهو بهذا الفعل قد حَمَّل نفسه أمانة إيصال الحقيقة بكل جزئياتها.. وأصبح لزاماً عليه تحري الصدق ، والتنزه عن الكذب ولو بالشبهة ؛ لأنه يبني صرحاً من المعرفة لجيله ، وللأجيال التي بعده .

 

ولكن عندما يحيد عن الحق لحب الظهور ، أو الشهرة ، أو لعدم قدرته على امتلاك الأدوات التي تمكنه من البحث والتنقيب ؛ وجب ،عندئذٍ، الوقوف في وجهه ، وكشف زيفه ،وتبيان حقيقته ، وخطورة ما يفعله ، لِيُتَّقَى شَرُّهُ ، وليُحْفَظٌ تاريخٌ سيضيع على يد جاهل !

 

فالذي نسعى إلى إثباته في هذا المقال هو : ( إرجاع الحق صاحبه) ، فالحق : هو إعادة ما سلب من هذا الإنسان بالكذب ، والجهل . أما صاحب الحق فهو الشاعر: سعيد عبدالله قشمر .

 

مضت أربعة وستون عاماً على رحيل الشاعر : سعيد عبدالله قشمر ، هذا الشاعر الذي سلبت منه أشياء .. وأضيفت إلى غيره سأوضحها فيما سيأتي ، بإذن الله .

 

بينما كنت أعدُّ بحثاً عن حياة وشعر الشاعر : سعيد عبدالله قشمر ، وصلت إلى يدي هذه الصورة على أنها للشاعر : سعيد قشمر، وقبل عرضها على الناس ، توجب علي البحث عن حقيقة هذه الصورة ، وبعد البحث توصلت إلى خمسة أشخاص عاشوا مع الشاعر ، وشاهدوه بأعينهم ، وهم ما يزالون أحياء إلى هذه اللحظة , وعندما سألتهم عن صاحب الصورة ، دون ذكر اسمه ،تعرفوا عليه بصفاته التي شاهدوها في الشاعر بأعينهم ، ووجدوها في الصورة , فهي صفات لا يمكن لاثنين أن يتفقا فيها ، وهؤلاء الخمسة هم :

1) يسلم بن سلوم .

2) عبدالله بامعروف .

3) سعيدعوض عبيد بايعشوت .

4) محمد سواحلي ( أبوفائز ).

5) إبراهيم برعية ( براهم ) .

 

وفي خلال بحثي عن كبار السن سألتُ ( أباعثمان محمد عوض عبيد ) عن صاحب الصورة ، فقال لي حرفياً ‏‎frown‎‏ رمز تعبيري فك منك هدي قد يابها لي فلان ، هدي الصورة ما هي حق قشمر بت شفها مرسومه في المكان الفلاني للرسام الفلاني ، ونا لي عطيت الرسام الأوصاف ، وبعدين سعيد قشمر عور وسنه سبع سنين ، وده مفتح ) وعندما سألته هل تعرف الشاعر ؟ قال : ( إلي يعرفه سعيد خوي هو لي كان يشله إلى المدارة ، ونا كان سني داك الوقت ثمان سنين ) ، أي : ( أني أذهب مع سعيد خوي إلى المدارة عندما يأخذ سعيد قشمر ) وعندما أعطيت الصورة لحفيد سعيد عبيد من ابنته , دون أن أخبره عن اسم صاحب الصورة ، جاء الجواب : أن صاحب الصورة هو سعيد قشمر . أليس هذا عجيباً يصف أبوعثمان ملامح شخص لا يعرفه !، إذاً هذا الرسم ، حسب كلام أبي عثمان ، لمن إذا كان الذي وصفه لا يحزر عليه ، ولا يعرفه حق المعرفة ؟ لأنه لو كان يعرف الشاعر حق المعرفة لتعرف عليه كما تعرف عليه أخوه سعيد !

 

بعد أن انتهينا من هذه الحكاية ، ظهرت حكاية ثانية ، حيث وجدنا الصورة التي بين أيدينا في واجهة مقال لـ( علي سالمين العوبثاني ) ، ويتحدث هذا المقال عن شاعر المكلا (أحمد محمد بكير) ، وجده الأستاذ : فؤاد فرج عبد الغفار , وعندما تَمَّ التواصل بين الأستاذ فؤاد وكاتب المقال ، الذي صرّح ، بأنه يبحث عن الحقيقة ، وسيتواصل مع الدكتور : عبدالعزير الصيغ لكي يفسر لنا الخلط الحاصل في هذا الموضوع ،وما زلنا منتظرين الردّ الذي إلى الآن لم يصل ولن يصل ؛ لأني أعرف الدكتور : عبد العزيز الصيغ حق المعرفة ، وأعرف كيف يفكر ؟ وكيف ينظر إلى الأشياء ؟ .وعندما سألت (أبا فائز محمد سواحلي )و( براهم ) هل يعرفان الشاعر : أحمد محمد بكير ؟ قالا : لا نعرف هذا الشاعر ، وهذا الجواب كشف لنا أنه لا يوجد خلط بين ملامح سعيد قشمر وأحمد بكير . فزاد يقيني ،بما كنت قد عرفت وشاهدت بنفسي من الدكتور عبد العزيز الصيغ ، أن الدكتور قد سطا على صورة سعيد قشمر ، ونسبها لغيره .

 

وبعد انتهاء هذه الحكاية ، ظهرت حكاية ثالثة ، فقد وصلت الصورة لابنة الشاعر التي لم تتعرف على الصورة وقالت : ( إن أبي وجهه طويل يشبه جميل عازر )

 

أليس عجيباً الاّ يتذكر الإنسان من أبيه إلاّ جزءاً يسيراً من ملمحه ! والعجب كل العجب أن يتعرف رجال على الشاعر بشكله وصفاته التي شاهدوها فيه وهو حيٌّ بينهم ، وهذه التي تربت في حجر أبيها لم تتعرف على شكله ولا على ملامح وجهه ؛ لأن هذه الصورة للشاعر وهو في نصفه الثاني من عمره ، وهذا العمر لا تذكر ابنته منه شيئاً ؛ لأنها لم تعشه ، فكل ما تذكره عن أبيها بياض عينيه ، وشحوب لونه ، ويُبْس صفحتي وجهه ( وجنتيه ) ودخول جلدة وجنتيه إلى داخل فمه وأنين صوته .. ويجب ألاّ ننسى أن الشاعر عاش مئة وسبعة عشر عاماً هجرية ماذا ستذكر من أبيها وهي صغرى أختيها (هذا ما قالته على لسانها في كتاب مدينة العرفان ) وبين يدي صفات للشاعر والتي لو عددتها ما عرفت منها صفة واحدة !، لأنها لم تعرف وجهه فكيف ستعرف صفاته؟. بهذا يكون عدم تعرف البنت لأبيها شيئاً لا يُعَّوَل عليه ، وما تنفعها القرابة إذا لم تتعرف عليه في الوقت الذي تعرف عليه من شاهده وعاينه ، وفوق هذا لدي دليل جيني يثبت ما أقول ، سوف أعرضه على من يخصه الأمر في الوقت المناسب .

 

هذه قضيتنا وهؤلاء شهودنا ما يزالون أحياء ، أطال الله أعمارهم ، ولم نتخذ الكذب وسيلة لإقناع الناس أننا نعلم .. ولم نحل أحداً لعظام نخرة بالية لا يمكن سؤالها ، ولم نتخذ لقباً لنتباهى به أمام الناس ، ولم نجلس في ( برج من العاج ) ننظر من أعلاه إلى الناس نظرة استحقار ، وازدراء ، وتعال .

 

هذه الحقيقة مصدرة في ثوبها دون كذب ولا مراوغة ، ويحق للجميع سؤال هؤلاء الأشخاص الخمسة في الموضوع أعلاه للتحقق من صدق وكذب ما نقول .

 

والله المستعان

 

*- للكاتب أحمد عبدالله بن سلوم