عمر باطويل ذلك الفتى الذي ذهب ضحية التطرف والهمجية الفكرية باسم الدين والله والرسول، والدين والله والرسول براء من تلك الجريمة ومن أولئك المجرمين!.
من يتصفح تدوينات عمر باطويل (17 عاما) على صفحته بالفيسبوك يعرف يقينا من هو هذا الفتى المختلف الذي استفز قتله كل ذي عقل، خارج ثقافة القطيع الذي كان عمر يغرد خارج سربه، بعقل يتلمس دربه نحو خالقه، دون كهانة أو نيابة دنيوية عن الله.
دعشنة الفكر أخطر من دعشنة السلاح، فهذه قد تباد بسلاح أمضى منها، لكن الأولى هي التحدي الأخطر أمام مناطقنا المحررة، ومن عجب أن يقتل عمر باطويل في عدن تحديدا وهي عنوان المدنية والتسامح الفكري منذ أن كانت، وليس عجيبا أن يتكرر الفعل ذاته في المكلا مثلا، وهي عنوان ما اصطلح عليه بالاعتدال والوسطية، لأن هناك فكرا متطرفا انتعشت مؤسساته خلال العقدين الماضيين، ومن علاماته التغرير بالشباب تحت دعاوى دينية، تبدي الله أضعف من أن يدافع عن ذاته أو دينه أو رسوله، فيما هي في الحقيقة تعمل على تكريس صورة تأليهية لشيخ أو داعية أو مفت أو مخلوق معمم - مؤدلج جدا - يلهج بآيات وأحاديث، لكنه ليس زاهدا في عرض الدنيا كما يوصي غيره لفظيا، بل هو يرفل في رغد العيش، متناسيا أن رسول الله مات وهو لا يملك معشار ما يملك أصغر موغر لصدور المسلمين على المسلمين!.
كثير من ردود الأفعال على شبكة التواصل الاجتماعي، تذهب في اتجاه "مدعشن"، وهي ظاهرة، وليست حالات فردية، وينبغي الالتفات إليها بعناية شديدة؛ لأن "فرمتة" الأذهان ولا أقول العقول، مهمة شاقة تقتضي حكمة وعلما وحلما ومشروعا منهجيا لإعادة المضللين فكريا إلى جادة الحياة الإنسانية والتعايش السلمي ، بين أفراد المجتمع الحر فكريا قبل كل شيء.
*- د سعيد سالم الجريري – أكاديمي وسياسي حضرمي