أقامت حركة نداء حضرموت ضمن ندواتها الإسبوعية محاضرة ثقافية ، تحت عنوان الثقافة المدنية في حضرموت، حاضر فيها الاستاذ انور صالح التميمي، حيث افتتح حديثه بالحالة المدنية وكيفية نشوؤها في أي مجتمع من المجتمعات. وأشار " التميمي " الى أن " الحالة المدنية في أي مجتمع تنشأ ما بعد تفكيك القبيلة" وان العلاقات المدنية تنشأ على اساس فاعلية الفرد في المجتمع.
وفي مستهل حديثه اشار الى نقطة غاية في الاهمية من خلال وضع سؤال لامس الى حد كبير الظروف التي تؤسس الى ارساء ثقافة مدنية في أي مجتمع كان ذلك من خلال طرح السؤال التالي: ماهي الظروف الموضوعية والذاتية التي تؤدي الى تفكيك كل العلاقات العشائرية والقبلية لترسي ثقافة مدنية حقيقية؟ وهل بالفعل قد توفرت في بيئتنا الحضرمية؟ ويجيب على هذه التساؤلات من خلال استعراض المحطات الحضارية للثقافة المدنية في حضرموت.
أهم المحطات الحضارية للثقافة المدنية في حضرموت:
استطرد " التميمي" موضحاً تلك المحطات التي تؤسس لقيام ثقافة مدنية في أي مجتمع كان، كما أكد على ان ابرز واهم المحطات الحضارية التي مرت بها الثقافة المدنية في حضرموت هي كالتالي:
التضاريس الجغرافية للدولة:
ان بعض الدول تضاريسها الجغرافية لا تسمح بإقامة تجمعات مدنية وبالتالي لا تستطيع اقامة مجتمع مدني فيها (أفغانستان)، ما يؤدي الى عدم انتظام علاقات بينية تؤدي بالنهاية الى تأسيس ثقافة مدنية بفعل هذه التضاريس. وحضرموت تتوفر فيها عوامل مشجعة لتأسيس ثقافة مدنية بفعل تضاريسها الصالحة للتجمعات والتكتلات البشرية البينية المدنية.
الهجرة الحضرمية
أوضح الاستاذ " أنور التميمي " ان التجربة التاريخية للحضارم بخصوص الهجرة الخارجية اكانت ام الداخلية اثرت الى حد كبير في ارساء ثقافة ساهمت في تأسيس ثقافة مدنية في حضرموت، فالهجرة الى الخارج ساعدت في نقل افكار جديدة وعادات وتقاليد اثرت في المجتمع الحضرمي تأثيرا ايجابيا ساهم في تجديد الافكار وتوليد افكار جديده خلقت حراك ثقافي ادى الى فكرة وتجسيد مدنية المجتمع في حضرموت.
كما ان الهجرة العكسية الى الداخل الحضرمي ارست ثقافة التعدد والاختلاف ما خلق حراك ثقافي واجتماعي اثراء المجتمع الحضرمي ثراء يتجه صوب مدنية المجتمع. وتأسيساً على ذلك فأن جدور الثقافة المدنية في حضرموت بدأت مبكرا حيث شهدت مدينة تريم شبكة اتصالات في العام 1912 م ما أدى الى ثقافة التبادل البينية في المجتمع وانعكس ذلك على ثراء المواطن. مضيفاً أن العمران في البناء هو جزء ممتد في البناء المدني للمجتمع الحضرمي، حيث شهدت مدينة شبام علاقات بينية قائمة على اساس اقتصادي وهي علاقات تأسيسية لبناء ثقافة مدنية. ويعد هذا السلوك ملمح مدني يؤدي الى انشاء تكوينات مجتمعية تؤسس لثقافة مدنية باتجاه بناء الدولة المدنية الحديثة.
المجاعة في حضرموت:
و أستهل " التميمي " هنا حديثه على أن حضور المجاعة في مجتمع حضرموت غير من ثقافتها المهنية، أي ان بعض المهن في مجتمع حضرموت القديم قائمة على اساس طبقي صرف، فالسيد لا يعمل في الحراثة وكذلك الرجل القبلي لا يعمل في مهنة البحر، فعام المجاعة غير من ثقافة المهن في مجتمع حضرموت. فقضية ربط المهنة بالنسب انتهت في ثقافة المجتمع الحضرمي وتشكلت ما بعد عام المجاعة علاقات مهنية قائمة على اساس الانتاج وبالتالي على اساس اقتصادي بحت وهو ما يؤسس لثقافة مجتمع الدولة المدنية.
فالأحزاب لا يمكن لها ان تتشكل الا اذا توفر حداً ادنى من المدنية فحالة ممارسة العمل السياسية في حضرموت كانت لا تسمح الا لدافعي الضرائب، وهي حالة تعبر عن ثقافة مدنية متقدمة ومعمول بها اليوم في بعض من الدول المتقدمة.
مرحلة الخمسينيات:
وأشار أيضاً " التميمي " بخلفية ماضية في مرحلة الخمسينات وقال أنها تعتبر مرحلة المد العربي القومي، وهي حالة تخلقت في حضرموت بشكل متقدم حتى على مثيلاتها في دول الجوار، فكل الذين كان لهم موقف من المدنية في حضرموت، هو موقف متوجس وخوف من سطوة القانون، وهذا بفعل امتدادهم القبلي الذي يشدهم الى الخلف وهم افرا د يعبرون عن ذواتهم وليس عن مكوناتهم القبلية .
تساؤل
هذه هي اهم المحطات التي مرت بها الثقافة المدنية في حضرموت من منظور الاستاذ الإعلامي " انور التميمي " ، وهي محطات ليست نهائية ولا اخيرة ولكنها بنية تأسيسية لا رساء ثقافة مدنية في مجتمعنا الحضرمي. فهل يا ترى ستخطو حضرموت في عصرنا الراهن باتجاه ثقافة الدولة المدنية؟ اما ان موروثها التاريخي والتقليدي سيجرها الى مربع ما قبل صلح "انجرامز".
*- صالح بن مقنع : شبوه برس – جولدن نيوز