الوضع الأمني في الوادي صار مقلقا للغاية للكبير والصغير، لايمر يوم أو أسبوع إلا ونسمع حادثة قتل هنا أو هناك ، وبالأخص في المناطق الغربية ، إما لثأر أو لأسباب لا يعرفها إلا الله سبحانه وتعالى ، ماذا حصل لهذا الوادي وأبنائه بعد أن كان ينعم أهله بالأمن والأمان ، ويعيشون في وئام وود وإحترام متبادل ، هل أٌسْتٌبْدِل أهلٌهٌ بقوم متوحشين جاؤا من كوكب آخر متعطشين للدماء ،مجردين من القيم والأخلاق ومن أي وازع ديني ، يجرم قتل النفس ، التي حرمها الله ، بل يصل الإجرام إلى أن يقدم شاب على قتل أمه ، هذه الأم التي منحته العطف والحنان والحب وسهرت على تربيته وتنشئته ، حتى صار شابا ،ياالله !
أين عقلاء هذه المحافظة واديها وساحلها ، أين علماؤها ورجال دينها ، وشيوخ قبائلها ، وساستها وأحزابها السياسية ومكوناتها الإجتماعية ، لم أسمع صوتا واحداً مندداً بجرائم القتل التي تحصل في الوادي ، كنّا توقعنا أن يتم تعزيز الأمن وتتخذ إجراءات صارمة تحد من إنتشار السلاح والتجوال به داخل مدن الوادي ، والعبث به في المناسبات ، بعد حادثة وادي جعيمة الأليمة ، التي حصلت في العشر الأواخر من رمضان الماضي ، وراح ضحية لها مجموعة من الرجال ، بسبب ثأر ، لكن شيئاً من ذلك لم يحصل ، بل استمر هذا المسلسل المٌرَوِّع في العرض ، وكأنَّ هناك قوى خفية تدفع الأمور في هذا الاتجاه ،لإغراق الوادي في الدماء ، لتحقيق أهداف شيطانية معينة .
ونتساءل ويتساءل كثيرون معنا ، عن مهمة تلك النقاط العسكرية المنتشرة بكثافة في الوادي عند مداخل المدن ومخارجها ، بل وفي داخلها ، أليست من أجل حفظ أمن المواطن والتصدي بقوة للخارجين عن القانون ، وإلا هناك أهدافاً أخرى لانعرفها ، وإذا عجزت عن حفظ الأمن ، عليها أن ترحل وتترك الأمور للرجال من أبناء حضرموت واديها وساحلها ، الذين أثبتوا قدرتهم وجدارتهم في حفظ الأمن وتثبيت سلطة الدولة الغائبة والمشغولة بحربها مع الإنقلابيين في مديريات الساحل .
لم يعد أحد على الإطلاق يتحمل منظر الدماء والأرواح التي تٌزْهَقٌ ظلماً ، بين الحين والآخر في هذا الوادي المبارك ، وعلى الأجهزة الأمنية والعسكرية والسلطات المحلية أن تتحمل مسؤولياتها كاملة، في إيقاف هذا النزيف الذي لامبرر له ، ولا سبب مقنع غير نزوات شيطانية وعقليات متحجرة تقف وراء هذه الأعمال التي يرفضها الدين والعقل والحكمة ، وقيم وأخلاقيات أهل حضرموت واديها وساحلها ، الذين تربوا عليها وورثوها عن آبائهم وأجدادهم سنينا طويلة .
*- بقلم : فرج طاحس