أستكمل ماكتبه كريستيان روبان مدير مساعد لمؤسسة الأبحاث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي من نص المقالة اللغات العربية الجنوبية واللغات السامية كما جاء :
تنتمي لغات جنوب الجزيرة العربية القديمة كلّها الى العائلة السامية كالأكادية ( في بلاد الرافدين) أو العبرية أو العربية أو السامية الحبشية وهي تتميز بطابعين أصيلين : الأول وجود ثلاثة صوافر غير تفخيمية ( ولنشر إليها على النحو التالي س ١، س٢، س ٣ كيلا نحكم مسبقاً على طريقة لفظها) وبمقارنة كلمات ذات معان متشابهه في مختلف اللغات السامية وضُعت فرضية تقول إن هذه الصوافر كانت تلفظ شين وسين جانبي ( حرف صافر منطوق على نحو يمرّ الهواء بموجبه من جانب واحد من الفم وهو مالامثيل له لا في العربية ولافي أي لغة أوروبية) وسين.
والطابع الثاني يتجلّى في وضع أداة التعريف ذات شكل ن أو هن ملصقة دوما في نهاية الكلمة ثلاث من هذه اللغات ( المذابية والقتبانية والحضرمية) تستخدم فعلاً متعدياً مكوناً من حرف التعدي س والأسماء الموصولة الملحقة للغائب والمركبة مع العنصر س ١ ( مثلاً في القتبانية المفرد والمذكر والمؤنث س١ /س١ وو، س١/س١ ي و، مثنى س ١ / م ي، جمع مذكر ومؤنث س ١م، س ١ن) والاخيرة السبئية مع حرف التعدي ها والعنصر ها ( هو /ها؛ همي؛ همو/هن)
هل تؤلف اللغات العربية الجنوبية الكتابية عائلة حقيقية داخل السامية الجنوبية ( وهي فرع من السامية الغربية) ؟ لاتسمح الوثائق القليلة التي نملكها بالإجابة فالقرابات ( كوجود الصوافر الثلاثة س١ وس٢ وس٣) واضحة، لكن الاختلافات كذلك واضحة بالقدر ذاته ولكي نجيب إجابة تعتمد الحجج فلابد من معرفة علم الصوتية بل وأكثر من ذلك نحو الحروف الهوائية المتحركة وتشديد الحروف الصامتة والأمر كذلك لو قصرنا الدراسة على اللغات الثلاث التي تتميز ب س ١ للفعل المتعدي وضمير الغائب أي المذابية والقتبانية الحضرمية.
لاتزال اليوم عدة لغات غير عربية يطلق عليها ( اللغات العربية الجنوبية الحديثة) تمارس في مناطق مختلفة من اليمن وعمان وهي تختلف عن اللغة العربية بصوتياتها : فهي تشتمل على حروف صامتة جانبية وصوافرها موزعة بصورة مختلفة أما حروفها التفخيمية فهي حلقية ( في حين أنها في اللغة العربية لهوية) الخ كما ان المفردات والنحو تقدّم كذلك تضادات حقيقة. وليس غريباً ألا يكون ناطق باللغة العربية الجنوبية الحديثة مفهوماً من قبل العربي والعكس صحيح ففي القرون الوسطى أكد بعض المؤلفين العرب أن الأمر كان على النحو في أيّامهم.
هناك سؤال يخطر بطبيعة الأمر هل اللغات العربية الجنوبية المنقوشة هي أصل اللغات العربية الجنوبية الحديثة؟ يبدو من الأكيد أن الجواب سلبي بالنسبة للسبأية والقتبانية والمذابية لكنه أكثر تحفظاً فيما يخص الحضرمية ويبدو بالأحرى أن اللغات العربية الحنوبية الحديثة مشتقة من لغات قديمة لم تعرف كتابياً لكنها كانت دون شك على صلة وثيقة بلغات النقوش.
#علوي بن سميط